فقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس والسلطة الفلسطينية في رام الله، الشرعية والأهلية لقيادة الشعب الفلسطيني قبل سنوات طويلة، منذ أن باتت الحرب على حركة المقاومة الفلسطينية "حماس"، فضلا عن السكوت على جرائم الاحتلال، خصوصا بعد فضيحة تعامل سلطته مع تقرير غولدستون.
سقطت حكومة السلطة الفلسطينية في رام الله في وحل ما تسميه تخفيفا وطمسا للحقيقة باسم "التنسيق الأمني". أودى التنسيق الأمني بين سلطات الاحتلال وسلطات رام الله بعشرات الشهداء إن لم يكن المئات، ممن لم يكن لقوات الاحتلال القدرة على الوصول إليهم ومعرفة تحركهم ونشاطهم لولا عيونه في "جهاز التنسيق الأمني".
وزج التنسيق الأمني ولا يزال بآلاف الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية. فلا يطلع نهار حتى تأتيك الصحف الإسرائيلية وبيانات جيش الاحتلال بعمليات اقتحامات واعتقالات واسعة في صفوف من يسميهم الاحتلال اليوم "نشطاء في الإرهاب الشعبي".
ليس هذا الكلام من باب التجني على السلطة الفلسطينية ورئيسها بقدر ما هو توصيف لواقع أضيف إليه ما حرصت على تعميمه أخيرا وسائل الإعلام الإسرائيلية، ويؤكد حجم تدهور بوصلة السلطة الفلسطينية ورئيسها، حول تعاون الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني في الضغط على موسكو لإلغاء اللقاء الذي كان مقررا بين رئيس المكتب السياسي في "حماس"، إسماعيل هنية، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
هذا التلاقي في المصالح بين السلطة الفلسطينية وبين موقف ومسعى حكومة الاحتلال الإسرائيلي هو أكبر دليل على إفلاس السلطة ونهاية دورها، أخلاقيا ووطنيا، ناهيك عن نهاية ولايتها الدستورية، في تمثيل الشعب الفلسطيني أو ادعاء تمثيله والحرص على مصالحه، بل قل مجرد وجوده كشعب يتوق للتحرر من أطول احتلال في التاريخ الحديث.
وعمليا، فإن من يغوص في مستنقعات التنسيق الأمني ضد أفراد مقاومة من شعبه لمصلحة الدولة المحتلة التي لا ترعى حرمة لأبسط المواثيق الدولية والحقوق الإنسانية، ليس غريبا عليه أن يتورط في تحالف سياسي وتعاون سياسي ليس لمصلحة شعبه ومع من قد يساند مطالبه، بل مع عدوه ومحتله ضد حركة مقاومة وطنية، مهما كانت تجاوزاتها أو أخطاؤها شديدة وبالغة.
لن يكون بالإمكان منح الشعب الفلسطيني أملا بالحرية والتحرر ما دامت السلطة الفلسطينية تفضل التعاون والتنسيق مع الاحتلال، على محاولات التوصل إلى مصالحة مع حركة مقاومة تتولى بفعل ظروف الانقسام مسؤولية أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون تحت حصار قاتل.