فلسطين أون لاين

استمرار قطع رواتب السلطة يضع موظفيها أمام المجهول

...
رفح/ ربيع أبو نقيرة:

حالة من التّيه سادت أوساط موظفي السلطة بغزة بعد اكتشاف قطع رواتب المئات منهم دون سابق إنذار.

ذوو شهداء، وأسرى وجرحى، وموظفون مدنيون وآخرون عسكريون، ومتقاعدون، عدد كبير من تلك الفئات تأخر صرف رواتبهم ثلاثة أيام، الأمر الذي وضعهم في حيرة.

البداية كانت عندما تفاجأ عدد كبير من موظفي السلطة في غزة الخميس الماضي، وجزء كبير منهم محسوب على "التيار الإصلاحي" بحركة "فتح" الذي يقوده النائب محمد دحلان بقطع رواتبهم، إضافة إلى مئات الأسرى المحررين من حركتي حماس والجهاد الإسلامي.

ووصلت رسائل لعشرات الموظفين الذين لم يتقاضوا رواتبهم ظهر أمس، تفيد بوصول رواتبهم إلى حساباتهم البنكية.

وأرجع مدير عام شؤون الأسرى والمحررين في قطاع غزة بسام المجدلاوي، في تصريح صحفي، ما جرى من عدم صرف الرواتب يوم الخميس الماضي، "لخلل فني في كشوفات الأسرى المحررين".

وخرجت المسنة فاطمة حمدي أبو جزر من بنك القدس في رفح جنوب القطاع، حزينة، تتمتم كلمات "حسبنا المولى ونعم الوكيل" و"الله يقطع رزقهم زي ما قطعوا رزقنا".

عند سؤالها عن السبب، أوضحت أنها حضرت إلى البنك الخميس الماضي ولم تجد راتب نجلها الشهيد إبراهيم أبو جزر، وحضرت مرة أخرى صباح أمس وتلقت الإجابة ذاتها.

وقالت في حديثها لصحيفة "فلسطين": "نجلي شهيد منذ 14 عاما، لا أعرف ماذا فعل لهم ليقطعوا راتبه؟"، مضيفة: "قطع راتب الشهيد فيه عدم احترام للشهداء وعدم احترام لكبار السن".

وانتقدت سلوك رئيس السلطة عباس "الذي قسم الوطن وملأه بالفصائل المتناحرة، ويريد قطع راتب غير المنتمين لحركة فتح التي يتزعمها".

وأفاد موظفون لصحيفة "فلسطين" بوصول كشوفات رواتب تشمل أسرى وذوي الشهداء وموظفين، ممن لم يتلقوا رواتبهم الخميس إلى البنوك ظهر أمس والبدء بصرفها.

وحدث مع الجريح هاشم خليل شيخ العيد (33 عاماً) مثل ما حدث مع أبو جزر،فهو الآخر لم يعرف سبب تأخير صرف راتبه البالغ نحو 1100 شيكل، مشيراً إلى أن قطع الراتب بمثابة وأد لأطفاله الثلاثة في مقتبل حياتهم.

ونوه إلى أن الراتب حق قانوني وشرعي ووطني للجرحى الذين ضحوا من أجل الوطن، قائلا: "إثر الإصابة عام 2007 شرق رفح أثناء التصدي للاحتلال، لا أستطيع العمل، وحتى لو كنت قادرا فلا يوجد عمل".

وأضاف شيخ العيد في حديثه لصحيفة "فلسطين": "رسالتي للجميع: اتقوا الله في الأسرى والجرحى وذوي الشهداء".

ولا يختلف الحال كثيرا مع والدة الأسير محمد سليمان أبو جزر، التي انتظرت ساعات في بنك فلسطين لتعرف ماذا حل براتب نجلها.

أبو جزر أوضحت أن نجلها محكوم بالسجن 17 عاما، أمضى منها 15 عاما في سجون الاحتلال، قائلة: "ماذا يريد أبو مازن منا بعد أن قلص نسبة صرف الراتب إلى 50%".

وأكملت: "فوق معاناة السجين يضيف الخصم معاناة أخرى، خاصة أن الراتب هو المصدر الوحيد لمصروفاته في السجن"، مشددة على أن اللعب بأعصاب الأسرى وذويهم ليس له مبرر، فـ"سابقا قلصوا الراتب، والآن يعذبوننا بإخبارنا بقطعه، ثم يتبين أن الأمر مجرد تأخير، أتمنى أن يكون كذلك فقط، وعدم المساس بحقوق الأسرى والجرحى وذوي الشهداء".

يذكر أن السلطة الفلسطينية بدأت في أبريل/نيسان 2017 بفرض عقوبات على قطاع غزة دون الضفة الغربية، من ضمنها تقليص نسبة صرف الرواتب إلى النصف، أثرت على مناحي الحياة كافة في القطاع، في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد المفروض على القطاع منذ العام 2007.

ولا تزال عقوبات السلطة مستمرة على القطاع منذ ذلك الحين، ويواصل رئيس السلطة تهديد غزة بمزيد من العقوبات.

وحذر مسئولون في الفصائل الفلسطينية مرارا من سياسة قطع الرواتب التي ينتهجها عباس، لآثارها الوخيمة على اقتصاد قطاع غزة والنسيج الاجتماعي.