دعا مشاركون خلال ورشة عمل نظمتها صحيفة "فلسطين" لضرورة تشكيل جبهة إنقاذ وطني جامعة من كل أطياف الشعب الفلسطيني وقواه في الضفة الغربية وقطاع غزة والخارج، وإطلاق حوار وطني شامل لمجابهة التحديات السياسية القائمة، والمخاطر التي تواجه مفاصل القضية الفلسطينية.
وأكد المشاركون خلال الورشة التي جاءت لقراءة التطورات السياسية الأخيرة على الساحة الفلسطينية، أنّ خطوة حل المجلس التشريعي، كرّست حالة الانقسام السياسي، ونسفت مبادئ وأسس القانون، وزادت من حالة الإرباك والتفكك في الساحة الداخلية المحلية.
وقال النائب في المجلس التشريعي، يحيى موسى، في كلمته، إنّ الحل الأوحد الملزم للكل الفلسطيني في ظل تفكك النظام السياسي، ووجود فراغ حقيقي، الذهاب نحو إطلاق حوار وطني شامل.
جبهة وحدوية
وأكد موسى ضرورة وجود رؤية واتفاق وطني جامع، وجبهة وحدوية، تعالج الأزمات القائمة، وتجابه التحديات السياسية، لافتاً إلى أن الوقت الراهن مطلوب فيه الخروج من دائرة التجاذب ما بين حركتي فتح وحماس، سيّما وأنّ الصراع لم يعد ما بين الحركتين بقدر ما أنه بات بين مجموعة لها مصالحها وارتباطاتها بفتح ومجموع الشعب الفلسطيني كله.
ودعا الكل الفلسطيني لأن يبقى مراقبا ويسجل المواقف على الآخرين، والانصهار في حالة وطنية تقود العمل بشكل جمعي، داعيًا حركة حماس لأن تبادر في الخطوة الأساسية لإطلاق الجبهة الوطنية التي تشمل الكل الوطني، للخروج برؤية يلتزم بها الجميع حول المسارات السياسية المتعددة.
وأضاف: "المطلوب من الكل الوطني أن يتحول إلى حركة واحدة عابرة للحزبيات والفئويات والايدلوجيا والبرامج الخاصة، إلى فضاء العمل المشترك، وتشكيل هيئة أو قيادة أو تنسيقية تتحدث باسم الجميع، فهي من تتحدث مع رئيس السلطة محمود عباس، وهي من تذهب لمصر، وهي من تخاطب شعبنا".
وبشأن خطوة حل المجلس التشريعي، أكد موسى أنّ القضية مرجعيتها "سياسية بامتياز"، و"تصفية حسابات"، مشددا على أن هذا الأمر أثر في عموم القضية الفلسطينية، وأضعف الشعب الفلسطيني أمام الاحتلال.
وأوضح أنّ عباس يعمل على المزيد من تفكيك الحالة الفلسطينية وتأزيمها وإرباكها، مشيرًا إلى أنّ التشريعي دفع ثمن حالة الانقسام في الساحة، وحُوسبَ على غيابه عن العمل، رغم أن من غيبه وعطله عن العمل هو "عباس" ذاته.
تشكيل حزبي
وشدد موسى على أن تشكيل عباس للمحكمة الدستورية عام 2016، جاء بهدف الترصد للمجلس التشريعي، مستدلًا بوضع مسؤول أعلى رأس للمحكمة الدستورية من ذوي المواقف المسبقة الرافضة لعمل المجلس وبقاء استمراره.
وقال إنّ القانون الأساسي الفلسطيني حصّن التشريعي، وكان هذا التحصين بداية عبر حركة فتح ذاتها في الولاية الانتخابية الأولى التي جرت عام 1996، فيما أنّ المحكمة الدستورية ذاتها التي شكلها عباس في بداية عملها نفت امتلاكها أحقية حل المجلس.
وأوضح أنّ القضايا التي اتكأت عليها "الدستورية" في حل "التشريعي"، تنطبق على رئيس السلطة عباس، وهو منتهي الولاية القانونية غير أن دفتها أنشئت لغير هذا السياق، مؤكدًا أنّ حل التشريعي جعل من عباس مستحوذًا على كل السلطات بجدارة.
ورأى النائب موسى أنّ خطوة حل التشريعي "تفكيك ممنهج لمكانة المؤسسة والنظام السياسي، والأسس القانونية، وتجريف مقصود للقيم الوطنية، تجعل الجميع في خطر"، لافتاً إلى أن البيئة التي صنعتها الخطوة باتت غير صالحة لإجراء أي انتخابات قادمة.
وتساءل بقوله: "هل النهج الذي يسير عليه عباس يقربنا أم يبعدنا من تنفيذ صفقة العصر؟، وكيف سيبدو الحال لو غاب عن الساحة"، مرجحا أن تتحول الضفة إلى مربعات وكانتونات أمنية كما حال روابط القرى قبل مجيء السلطة، مع إمكانية تطبيق "الحل الأردني".
سبيل ناجح
بدوره, أكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، أحمد المدلل، أنّ الحوار الوطني الشامل في الوقت الراهن، والتئام الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير بكامل الفصائل الوطنية والإسلامية، سبيلٌ ناجح لا شك فيه للخروج من الوضع الوطني "البائس" الذي نعيشه.
ورأى المدلل في كلمته أنّ استمرار توجيه دفة النضال الوطني بالاشتباك مع الاحتلال الإسرائيلي، مسؤولية الجميع، وأن الخروج من المناكفات السياسية، وتوحيد جهد الفصائل، والعمل تحت مشروع وطني واحد محط تطلع منشود لمواجهة التحديات التي تعصف بكل مفاصل القضية الفلسطينية.
ولفت إلى أنّ المتتبع لمسار الوضع الفلسطيني يلحظ مرور منظمة التحرير بمرحلة بائسة متفككة، وحالة من الفشل التي هيمنت على مسار السلطة السياسي، إضافة إلى حالة من التخبط والخطوات الانفرادية التي يمارسها عباس.
ازداد حدة
ونبه المدلل إلى أنّ الانقسام السياسي ازداد حدة وفق المنظور مع الخطوات التي يتخذها عباس، سيما ذات العلاقة بحل التشريعي، مضيفاً: "إذا أردنا أنّ نتحدث عن الشرعيات وأن شرعية التشريعي انتهت فالشرعيات كلها محل نقاش، ولا شرعية ملزمة للقرار الفلسطيني بما يدعمه عدم شرعية الرئيس المنتهية".
وأكمل: "الخطوة وضعتنا في مناكفة سياسية وقانونية لا يمكن أن تخدم القضية، وهي قفزة في الهواء أثرت على النسيج الفلسطيني كله"، مشيرا إلى أنّ الفصائل أبدت موقفا يتمثل في طلبها من عدم اتخاذ أي خطوات انفرادية تؤثر على الوضع الفلسطيني المنقسم أكثر مما هو عليه.
وشدد المدلل على أنّ خطوة حل عباس للتشريعي زادت من حدة الانقسام، ومهدت الطريق باتجاه تحقيق صفقة القرن التي يتحدث عنها الجميع قبل عدة سنوات سواء كان نتنياهو أو ليبرمان، مؤكدا أن الصفقة فعلياً تنفذ على أرض الواقع.
من ناحيته، طالب الحقوقي صلاح عبد العاطي، بضرورة إطلاق حوار وطني شامل، وتبني عقد اجتماع فلسطيني جديد يشارك فيه الجميع للخروج من الأزمة الوطنية التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وتعصف بقضيته.
وأضاف عبد العاطي: "المطلوب في ظل الوضع والأزمة الراهنة، ووجود رئيس ديكتاتور متفرد، واللجنة المحيطة به، أن نؤسس لحوار نتفق فيه ضمن مشروع وطني واستراتيجية جامعة، وإشراك كل مكونات المجموع الوطني فيه، يكون بمثابة جبهة إنقاذ".
ورأى أن الحوار الوطني من شأنه أن يخرج شعبنا نحو خارطة طريق، يتم عبرها تجنيد كل القوى ضمن برنامج تحرر وطني، لمواجهة التهديدات والتحديات السياسية والاقتصادية القائمة التي يتأثر منها الجميع.
حرف البوصلة
وأكد عبد العاطي أن تشكيل "المحكمة الدستورية" في رام الله جاء بشكل يقيني لحل "التشريعي"، مشددا على أن الخطوة أوجدت مزيدا من حرف البوصلة نحو موضوع السلطة، وإحداث أكبر قدر ممكن من الإشغال الذاتي، مضيفا "بدلًا من أن توجه الطاقة الفلسطينية للاحتلال صارت نحو الأوضاع الداخلية".
كما وأكد أن كل المدد القانونية للشرعيات انتهت، سواء كانت لرئاسة السلطة أو التشريعي، غير أن حل التشريعي حُصن عبر المادة (113) من القانون الأساسي التي لم تعط أي شخص أو مؤسسة الحق بحله حتى في حالات الطوارئ، مضيفا "إذا كان لا يجوز لأي جهة كانت حل التشريعي حتى في وضع الطوارئ، فهل يجوز حله في الوضع الطبيعي؟".
وذكر عبد العاطي أن المحكمة شكلت بداية دون دستور، وغير واضحة صلاحياتها، ولم يتولَ قضاتها تسلسلًا إداريًا في مناصب السلك القضائي، وتم تعيينهم من لون سياسي واحد.