زعمت المحكمة الدستورية (ملاكي عباس) أن رواتب المجلس التشريعي استنزفت موازنة السلطة، دون قيام الأعضاء بعمل مقابل الأجر؟! جيد أن تحافظ الدستورية على المال العام، ولكن هل محّصت الدستورية قولها قبل أن تعلنه للعامة، أم أن صاحب الملاكي أراد تشهيرًا بأعضاء المجلس؟! واتهامهم بأكل المال الحرام لأنهم لا يعملون؟! أم أن الدستورية تلقت معلومات معطوبة من أصحاب السلطة، فكتبت بلا تمحيص؟!
أعضاء المجلس من حركة التغيير والإصلاح وعددهم (76) نصفهم من غزة لا يتلقون رواتب من موازنة السلطة منذ يوليو 2017 م، والوزراء الذين عملوا في الحكومة العاشرة وحكومة اتفاق مكة الحادية عشرة لم يتلقوا رواتب من موازنة رام الله منذ التاريخ نفسه، وحتى أولئك الذين لم يشاركوا في حكومة اتفاق مكة الحادية عشرة، وخرجوا للتقاعد لم يتلقوا مكافأة الراتب تعسفا، في حين يتلقى أعضاء فتح رواتبهم، ومكافأة التقاعد؟!
إن عدم صرف رواتب لنصف أعضاء المجلس التشريعي لمدة إحدى عشرة سنة يعني أن أعضاء المجلس من كتلة التغيير والإصلاح لم يستنزفوا موازنة السلطة، ومن ثمة تسقط حجة الدستورية. وإذا كانت الدستورية تقصد المصاريف التشغيلية للمجلس، فإن المجلس معطل في رام الله بالكامل منذ التاريخ أنف الذكر، وهو لا يتلقى أموالًا من وزارة المالية. وأما المجلس التشريعي في غزة فهو يعمل كالمعتاد، ولكنه لا يتلقى أموالًا تشغيلية من رام الله، ويتلقى 40% من الراتب كغيرهم من الموظفين من غزة، فأين هو المال المستنزف؟! ومن الذي يستنزفه بلا عمل؟!
إن مصاريف رئيس السلطة، وحاشيته، عند زيارة واحدة لأميركا وأوروبا تفوق رواتب المجلس التشريعي بكامل أعضائه لمدة سنة، فمن الذي يستنزف أموال الشعب والموازنة الحكومية؟! إن الحديث عن الفساد المالي في الحكومة والسلطة يزكم الأنوف، وإن ما عند فتح التيار الإصلاحي من قصص في هذا المجال عن فلان وفلان، يمكن أن تدخل المفسدين إلى السجن بتهم اختلاس المال العام والتربح غير المشروع والرشاوى.
إن من كان بيته من زجاج لا يرجم الناس بالحجارة، خشية أن يرجموه بحجارته، وإن ما كتبته عن التشريعي في الأسبوع المنصرم ليس دفاعًا عن التشريعي المفترى عليه من اليوم الأول لانتخابه، بقدر ما هو دفاع عن النظام السياسي الفلسطيني، وعن الوطن الفلسطيني، الذي يراد له أن يكون ملكًا خالصًا لفرد، أو لحفنة من تنظيم مختطف؟!