قائمة الموقع

​استُشهِد "عكاز" البيت "كرم" وترك أمًّا وإخوة ثكلى

2018-12-30T06:59:59+02:00
أثناء تشييع الشهيد كرم فياض


رحل "كرم" وترك "أحمد" المصاب بانحناء في عموده الفقري، يبكيه بدموع قلبه وحيدًا في زاوية الغرفة يرفض ملاقاة المعزين بأخيه، فقد "عكازه" الذي كان يسنده حتى يصل الدكان المحاذي لبيته، رحل من كان الساعد الأيمن الذي تُوكل له والدته مهام شراء الخضار وحاجيات البيت.

الشهيد كرم فياض (28 عامًا) من ذوي الاحتياجات الخاصة، عانى قصورًا في الفهم أو كما يسمى باللغة الدارجة "على البركة"، استُشهِد أول من أمس الجمعة على الحدود الشرقية لخزاعة في محافظة خانيونس في أثناء مشاركته في مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار، في الجمعة الـ40 المعنونة بـ"لن نساوم على العيش بكرامة".

أكلك طيب

"كرم" إنسان غلبان كان يعيش على فطرته، ليس مصابًا بمتلازمة داون كما يعتقد البعض، بل "على البركة"، كان يشارك كل جمعة في مسيرة العودة، هكذا وصف إياد أخاه الشهيد.

ويقول إياد لـ"فلسطين": "كرم كان قلبه يحمل كمًّا كبيرًا من البراءة، حاولت كثيرًا منعه من الذهاب إلى الحدود ولكن لم يكن يقتنع، كان يردد: أريد الذهاب هناك يهود".

"كرم" لم يكن يحمل حجرًا، ولا متقدمًا حيث نقطة صفر قرب السياج الحدودي، بل كان واقفًا مع الجماهير لمسافة بعيدة نوعًا ما، وإذ برصاصة قناص تصيبه في مقدمة رأسه فتهشم دماغه، ويلفظ أنفاسه الأخيرة لحظة وصوله إلى المستشفى.

ويضيف: "كرم كان يصلي جميع الصلوات حتى صلاة الفجر، كان ينتظر يوم الجمعة بفارغ الصبر حتى يركب الباص ويذهب إلى الحدود ليشاهد ما يدور هناك كغيره من المشاركين".

وبالعودة إلى ساعات قليلة قبيل استشهاد كرم، فهو تناول طعام الغداء مع والدته، مخبرًا إياها بطيب مذاق طعام الغداء الذي أعدته، وهم بالخروج للحاق بالباص الذي سينقله إلى شرقي خزاعة، ولم تفلح محاولات والدته في ثنيه عن الخروج بداعي برودة الجو الشديدة والأمطار المتواصلة.

فيديو مفبرك

ويشير إياد إلى أن الاحتلال الإسرائيلي نشر فيديو يظهر شخصًا تسلل من الحدود ويدعي أنه كرم، ولكن في الحقيقة الشخص لا يشبه هيئة كرم ولا حتى ملابسه، وحتى إن الفيديو التقط في موقع ملكة شرقي مدينة غزة وليس شرقي خزاعة، والعدو يكذب لكي يبرر جريمته بحق الشهيد.

والدة "كرم" لديها ثلاثة ذكور غير "كرم" من ذوي الاحتياجات الخاصة، كان يساعدها في خدمتهم ومساعدتهم على التنقل، جزع قلبها بتلقي خبر استشهاده رغم قصور فهمه إلا أنه كان يحمل عنها بعض العناء.

كيف لا تبكيه وهو قطعة غالية من قلبها الذي صدم بفراقه، وكلمات بعض المعزين التي اخترقت قلبها الحزين كالخناجر: "في دكاترة استشهدوا ليش زعلانة على ابنك"، وكأن "كرم" بسيط الفهم "نكرة" لا يحق لأمه أن تحزن عليه، والحزن فقط يحق على الأسوياء؟!

يوضح إياد أن والدته صدمت مما سمعت، ورددت تقول: أربعة معاقين ربيتهم لوجه الله تعالى أبتغي ثواب تربيتهم ليس إلا.

ويبين إياد أن "كرم" آخر العنقود كان محبوبًا من جميع أهالي الحي، وكان يعرض المساعدة في حمل الأغراض، حتى أطلقوا عليه كنية أبو عبيدة، حتى موزع أنابيب الغاز كتب على أنبوبة البيت "أبو عبيدة كرم فياض".

إياد الشاب الوحيد الذي ولد معافى لوالدته، يسكن في بيت مجاور لها، يروي موقفًا جمعه بوالدته صبيحة أمس السبت، قائلًا: "مع ساعات الصباح الأولى طرقت الباب، وإذ بأمي العجوز ذات الـ63 عامًا تنادي على كرم لكي يفتح الباب كما تعودت، نسيت أنه انتقل إلى جوار ربه وترك لها الذكريات".

في كل يوم يؤكد الاحتلال الإسرائيلي زيف ادعاءاته وتبريراته للعالم بأنه يقدم على قتل الفلسطينيين لأنهم يبادرون إلى تشكيل خطر عليه، والسؤال هنا: هل كان "كرم" المعاق يشكل خطرًا عليهم لكي يقتلوه برصاصة متفجرة؟ وما الخطر الذي يمكن أن يشكله أي معاق قتله جنود الاحتلال قبله؟!

وحسب ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في بيانها الدوري عن متابعة أحداث مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار، أنه استشهد شاب وأصيب 6 مواطنون برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى مسعفة وصحفي خلال الجمعة الـ40 لمسيرات العودة وكسر الحصار شرق قطاع غزة.

اخبار ذات صلة