قائمة الموقع

​مجاهرة عباس بإحباط "المقاومة" محاولة لنسف التهدئة بغزة

2018-12-24T07:43:09+02:00
صورة أرشيفية


العجرمي: عباس أداة في يد الاحتلال لمحاربة المقاومين في الضفة

سويرجو: مقاومة الضفة نقية منذ عشرات السنوات قبل ميلاد عباس

عرابي: العمل المقاوم في الضفة الغربية يتناقض مع أسباب وجود السلطة

أبو شمالة: المجتمع الفلسطيني وصل لمرحلة تجاهل دعاية السلطة ومشروعها


بكل صراحة ودون مراعاة لتاريخ الشعب الفلسطيني وسجله الحافل بالنضال ضد الاحتلال الإسرائيلي، تفاخر رئيس السلطة وحركة فتح محمود عباس بإحباط أجهزة الأمن الخاضعة لإمرته 90% من عمليات المقاومة في الضفة الغربية ضد الجنود والمستوطنين الإسرائيليين.

وعدّ عباس خلال كلمة له في مستهل اجتماع للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير برام الله أن عمليات المقاومة "مؤامرة في وجه السلطة"، معلنًا أن 10% من الأموال والمعدات التي عجزت السلطة عن ضبطها وصلت للمقاومة ونفذت بها العمليات الأخيرة ضد الاحتلال، محملةً (تل أبيب) مسؤولية هذه العمليات بسبب أنها "سمحت بإدخال الأموال القطرية لقطاع غزة"، على حد تعبيره.

وأجمع محللون وباحثون سياسيون أن خطاب عباس يأتي في سياق استعطافه بعض التيارات داخل كيان الاحتلال الإسرائيلي من أجل التأثير على اتفاق تثبيت وقف إطلاق النار الذي سرى في نوفمبر الماضي، بين الاحتلال والمقاومة في قطاع غزة، كما أن فيه تأكيدا للدور الوظيفي للسلطة الفلسطينية في حماية الاحتلال.

المحلل السياسي د. محمود العجرمي، يقول لـ"فلسطين": إن "الذي يعد المقاومة إرهاباً، والتخابر مع الاحتلال مقدساً، يضع نفسه أمام الشعب الفلسطيني في الموقع ذاته الذي وضع نفسه فيه قبل ربع قرن متخابرا مع الاحتلال ومؤديا لدوره الوظيفي الذي رسمه اتفاق أوسلو 1993".

ويصف العجرمي تصريحات عباس بأنها "ليست غريبة" كونها صدرت من شخص ما يزال يمعن في تدمير الثوابت الوطنية الفلسطينية، ويعمل أداة في يد الاحتلال في محاربة المقاومين الفلسطينيين.

تغريد خارج السرب

من جهته، قال المحلل السياسي د. ذو الفقار سويرجو: إن "هذا التصريح غريب، وخارج عن السياق الوطني بكل مفرداته، وتغريد خارج السرب، ومسيء لعباس وللحالة الفلسطينية عامة، لأن فيه رسالة للداخل الإسرائيلي من أجل إعادة رضا الاحتلال عن أداء السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية".

وأكد سويرجو لـ"فلسطين" أن واقع المقاومة الحقيقي على الأرض في الضفة الغربية يكذب تصريح عباس، مضيفاً: "مقاومة الضفة نقية منذ عشرات السنوات قبل أن يولد محمود عباس".

وعدّ اتهام عباس للمقاومة والشهداء أنهم مرتزقة ومأجورون للمال الإسرائيلي بتنفيذهم عمليات لحساب طرف معين على حساب طرف آخر، بهدف أذية السلطة الفلسطينية "اتهاما باطلا"، مؤكداً أن الهدف هو إعادة تحسين العلاقة بين السلطة و(إسرائيل)، باستمرار التنسيق الأمني.

ومضى يقول: "الرئيس يريد تحميل (إسرائيل) مسؤولية العلميات لأنها سمحت بإدخال الأموال لقطاع غزة، وهذا أيضا جزء من تحريض عباس على قطاع غزة وعلى المقاومة ".

إصرار على الانقسام

ويرى سويرجو أن تصريح عباس مخالف لموقف جميع القوى والفصائل الفلسطينية، مؤكداً أن فيه إصرارا على استمرار السلطة وفتح بمواقفهما الرافضة لإنهاء الانقسام الداخلي وإتمام المصالحة الفلسطينية.

وتابع قوله: "من الطبيعي إصرار عباس على موقفه حول ما يجري من انتفاضة مسلحة في الضفة الغربية، كونها معاكسة لإستراتيجيته في التعامل مع كيان الاحتلال والقانون الدولي، والإبقاء على الماهية الوظيفية للسلطة وهي حماية مصالح الاحتلال وحماية مصالح شريحة مستفيدة في السلطة".

ولفت إلى أن عباس سينحاز في النهاية إلى الطرف الذي يضمن له استمراره وبقاءه، وسيواجه الطرف الآخر وهو الفلسطيني الذي من المفترض أن يكون حليفاً له، لكنه فضّل مواجهة الفلسطينيين على أن يخسر "الميزات" التي اكتسبها في تعامله مع الاحتلال والمجتمع الدولي، من أجل تثبيت شرعيته التي فقدها منذ سنوات طويلة.

وفسّر المحلل السياسي ساري عرابي هذا الأمر أنه استمرار لاختلاف النهج بين قيادة السلطة وحركة حماس التي تؤمن بالمقاومة فكرة وإعدادا وممارسة، في حين قيادة السلطة لا تزال تؤمن بالمسار السياسي سواء المفاوضات أو البحث عن حلول وآفاق في المحافل الدولية، والحقيقة أن البون واسع بين الاتجاهين.

وقال عرابي لـ"فلسطين": إن "السلطة تدرك تماماً أن العمل المقاوم في الضفة الغربية يتناقض مع أسباب وجودها، حيث إنها مبنية على اتفاقية أوسلو، وهي ما تزال ملتزمة بها وتنفذ ما يترتب عليها تجاه الاحتلال رغم أن ذلك مناقض لكل القرارات التي أعلنت عنها مؤسسات منظمة التحرير في الآونة الأخيرة".

ويرى أن هذا الأمر له دلالتان أولاهما استمرار السلطة في نهجها وعدم تنفيذها القرارات التي أعلنت عنها مؤسسات المنظمة، والأخرى استمرار الانقسام الفلسطيني واستمرار التفاوت الهائل في النهج بين حماس وفتح.

المختص في الشأن الفلسطيني ياسين عز الدين، يرى أن تصريح عباس حول عمليات المقاومة يمثل تآمرًا عليه، لأنه يورطه مع الاحتلال كما يعتقد هو ومسؤولو السلطة، فبقاء السلطة مرهون بالتنسيق الأمني، والاحتلال لن يرى فائدة للتنسيق الأمني في حال فشلت السلطة بوقف عمليات المقاومة، ووقتها تكون السلطة نفسها مهددة بالزوال.

وقال عز الدين لـ"فلسطين": "حكومة الاحتلال الحالية لا تريد السلطة، لأنها مشروع سياسي لدولة فلسطينية، لكنها تبقي عليها بسبب الخدمات الأمنية التي تقدمها لها، وفي حال تزايدت المقاومة لن يكون للاحتلال أي داعٍ للإبقاء على السلطة".

العجز السياسي والشعبي

من جهته، يرى الباحث السياسي حسن أبو شمالة أن عباس يعاني من عجز واضح في جميع المستويات، فعلى الصعيد السياسي لم يستطع توحيد الفصائل الفلسطينية حوله، وعلى الصعيد الشعبي يطالبونه بالاستقالة كونهم غير راضين عن أدائه.

وأظهر استطلاع للرأي أجراه حديثًا المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية -ومقره رام الله- أن 68 % من الفلسطينيين غير راضين عن أداء عباس وسلطته ويطالبونه بالاستقالة.

وأشار أبو شمالة لـ"فلسطين" إلى أن هذه النسبة متفاوتة بين (50-70)% منذ فرض السلطة عقوبات على غزة أبريل/ نيسان 2017، حيث إن المركز يجري استطلاعات دورية كل ثلاثة أشهر.

وتابع قوله: "يحاول عباس إيجاد شرعيات لنفسه، فهو حين ينسب سبب أفعال المقاومة لـ(إسرائيل) يريد تقليص جدوى أعمال وشرعية المقاومة لدى الفلسطينيين"، مؤكداً أن تصريحه يأتي في محاولته استعطاف بعض التيارات داخل (إسرائيل) من أجل إفشال اتفاق تثبيت وقف إطلاق النار بين الاحتلال والمقاومة في قطاع غزة.

وأوضح أن المجتمع الفلسطيني وصل لمرحلة أصبح فيها غير مهتم بهذه الدعاية، ففي مرحلة أوسلو كان بعض الناس مقتنعين بإمكانية وجود مشروع لدى السلطة وحركة فتح قد تنجحان فيه، لكنهم بعدما شاهدوا فشل هذه المشاريع أصبحت لديهم مناعة تجاه هكذا دعاية.

اخبار ذات صلة