بعد 25 عامًا على مشروع التسوية بين كيان الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية، وجدت الأخيرة نفسها أمام طريق سياسي مسدود، الأمر الذي استغله الاحتلال في الاستيلاء على السلطة وتدجينها وفقًا لقاعدة "المال مقابل الأمن"، كما يرى خبراء ومحللون سياسيون.
ويشير الخبراء الذين تحدثوا لصحيفة "فلسطين" إلى أن تصرفات الاحتلال على الأرض تقول: "ما دام التنسيق الأمني جاريًّا، سنظل نزودكم بأموال الجباية، وإذا فكرتم بوقف التنسيق الأمني سنقطع هذه الأموال".
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعتي النجاح الوطنية والقدس د. عبد الستار قاسم، أن السلطة لا ولن تواجه الاحتلال، وأن رئيسها محمود عباس سيظل يعمل ضمن التنسيق الأمني واتفاقيات أوسلو ولن يغير من سلوكه السياسي شيئًا، مضيفًا: "هو لا يستطيع إحداث التغيير أصلا، كما أنه غير معني بتاتا بإخراج الشعب الفلسطيني من هذه الورطة".
وقال قاسم: "تعتمد سياسة السلطة على قاعدة الأمن مقابل المال، بالإضافة إلى عملها خلال الفترة الأخيرة على جباية أموال جديدة بالتضيق على المواطنين الفلسطينيين برفع قيمة ضرائب ورسوم المعاملات".
وتابع قوله: "وفي المقابل لا توجد الشجاعة الكفاية لدى الناس بمواجهة ذلك، والمواطنون متذمرون من هذا الوضع".
ووصف قاسم السلطة في الضفة الغربية المحتلة بأنها "وكيل للاحتلال ولا تقف في مواجهته"، مشيرًا إلى أن السلطة أداة وظيفية في يد الاحتلال ومطوعة له.
"أداة بوليسية"
من جهته وصف المحلل السياسي خالد العمايرة السلطة بـ"الأداة البوليسية" لدى الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، حيث يستخدمها للتحقيق مع كل من له علاقة بأعمال المقاومة من قريب أو بعيد.
وأوضح العمايرة أن السلطة تتعاون مع (إسرائيل) سرًّا وعلنًا، ولديها خطاب مزدوج، فالحديث للشارع الفلسطيني يبدو متشددًا نوعًا ما، فتبدي إصرارًا على الثوابت الفلسطينية في حين على الأرض لا تعمل بالحد الأدنى لحماية تلك الثوابت، عازيًا ذلك لخوف من اتهامها بالخيانة.
وتابع قول: "هم يتآمرون على المقاومين مع الشاباك سرًا، ثم بعد ذلك يرفعون صورهم وينعونهم علانيةً لإبعاد تهم الخيانة عنهم".
وحول ما يخص العلاقات مع الاحتلال، أكد العمايرة أن السلطة تدرك أن تعاونها مع الاحتلال بالسبل كافة وخاصة الأمنية المتعلقة بالمقاومين الفلسطينيين في الضفة الغربية "يمثل شريان الحياة بالنسبة لها"، مشيرًا إلى أن السلطة معنية بكسب رضا (إسرائيل) لذلك تتخابر معها أمنيًا.
ووصف العمايرة السلطة بـ"الكارثة" على الشعب الفلسطيني، وسلوكها مع الاحتلال بـ"الخيانة".
وفسر إصرارها على مواصلة التنسيق الأمني بالقول: "هذا ليس تعاونًا أمنيًا، فالسلطة أحرق وأصغر من أن تحصل على معلومات من (إسرائيل)، فالأخيرة ليس من الممكن أن تزود طرفا آخر بمعلومات من مستوطنيها، في المقابل المواطن الفلسطيني مستباح من السلطة والاحتلال معا".
تقلص دور السلطة
من جهته، يرى المحلل السياسي صلاح حميدة، أنه في ظل انسداد الأفق السياسي أمام السلطة، فهي تتعامل مع المجريات بطريقة قدرية، تراقب على أمل إمكانية حدوث تغير سياسي في المستقبل.
وأكد حميدة تقلص دور السلطة بشكل كبير جدًا، وحصره في ملف التنسيق الأمني الذي فرضه الاحتلال من خلال اتفاقيات أوسلو، مشيرًا إلى أن مشروع التسوية وصل إلى طريق مسدود.
وأوضح أن اليمين الإسرائيلي المتمثل في حكومة الاحتلال، يؤمن بما يسمى "السلام الاقتصادي" بمعنى "نعطيكم المال مقابل الأمن"، لافتًا إلى أن سياسيات الاحتلال مبنية على بعض اللفتات الاقتصادية وبعض التسهيلات في بعض المشاريع مقابل التعاون الأمني، دون وجود أفق سياسي للتعامل مع السلطة.