يحمل فصل الشتاء شيئًا آخر لأهالي بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى المبارك رغم انتظارهم موسم الخير الذي يروي أرضهم ومزروعاتهم، ولكنه يكشف في الوقت ذاته حقيقة الحفريات التي تنفذها الجمعيات الاستيطانية المختلفة على رأسها "إلعاد" التي تقود جريمة التهويد لأركان البلدة.

لا تكاد تتساقط الأمطار حتى تبدأ الانهيارات في الشوارع والتشققات في المنازل والمباني، ما يضطر بعض العائلات إلى إخلائها خوفًا من الانهيار، كل ذلك بفعل الأنفاق التي ينفذها الاحتلال أسفل البلدة التي تعدّ الحامية الجنوبية للمسجد الأقصى، ولكنها أمست الآن شبه معلقة في الهواء بفعل شبكة أنفاق ممتدة ومعقدة أسفلها.

إخلاء منزل

وأصدرت بلدية الاحتلال أول من أمس، قرارًا يقضي بإخلاء منزل وغرفة لعائلة أبو ارميلة في حي وادي حلوة ببلدة سلوان، بعد انهيار أحد الأسوار الخارجية المحيطة بالمنزل وإغلاق المدخل الرئيس المؤدي له.

وأوضح مركز معلومات وادي حلوة في سلوان، أن أحد الجدران الخارجية المحيطة بالمنزل انهار كاملاً، ما يشكل خطورة لانهيارات متتالية في المكان، ونتج ذلك بعد أعمال متواصلة نفذتها جمعية إلعاد الاستيطانية في أرض سُربت قبل عدة أعوام ملاصقة للعقار من أجل إقامة ملعب للمستوطنين.

وأضاف المركز في بيان، أن المنزل المتضرر يعود للمواطن مفيد أبو ارميلة، والذي أوضح أن عائلته سمعت أصواتاً خارج المنزل، ولدى فحصها مصدرها تبين انهيار السور الخارجي المحيط بالمنزل، ما تسبب بإغلاق مدخل المنزل الرئيس والممر المؤدي إليه، لافتًا إلى أن ارتفاعه يبلغ حوالي 4 أمتار وبني من قطع إسمنتية.

وحذر من خطورة انهيار ما تبقى من السور وتأثيره في المنزل، مضيفًا أن المستوطنين قاموا خلال الأيام الماضية بوضع أكوام من الأتربة والحجارة على سور المنزل خلال قيامهم بأعمال بناء ملعب على أرض ملاصقة للمنزل، ما أدى إلى انهيارات خطيرة.

وأشار إلى أن بلدية الاحتلال أرسلت المهندس المختص من قبلها لفحص الأمر، والذي أقر بخطورة المنزل والانهيار الذي حصل، وأصدر قراره بضرورة إخلاء وإغلاق المنزل فورًا.

أهداف خبيثة

ويؤكد رئيس لجنة الدفاع عن حي البستان في البلدة، فخري أبو دياب، أن الجديد في التشققات والانهيارات التي تحدث في سلوان هو اتساع رقعتها وتمددها أسفل أراضي العديد من مناطق البلدة.

ويقول أبو دياب لـ"فلسطين"، إن الحفريات الأيديولوجية والسياسية العميقة التي تقودها الجمعيات الاستيطانية بحماية حكومة الاحتلال متشعبة وتشكل شبكة تحت الأرض، مبينًا أن الأهداف من ذلك تتمثل في سحب الأتربة والصخور من أسفل منازل المواطنين حتى تصبح معلقة وأسفلها فارغ.

ويضيف: "نرى بأن الاحتلال يسعى إلى أن تكون منازلنا معلقة ثم تصبح عرضة للانهيار، ومن ثم يقوم بإعطائنا أوامر لإخلائها، بحجة أنها تشكل خطرًا على حياة السكان، ويرفض أن نقوم بترميمها كما يفعل مع منازل البلدة القديمة، وهو يسعى من كل ذلك إلى تفريغ البلدة من أهلها".

ويشير إلى أن الانهيارات تنتشر في كل المناطق التي توجد أسفلها حفريات مثل حي وادي حلوة الذي يشهد مع كل فصل شتاء انهيارات متتابعة سواء في الشوارع أو المنازل، ومنطقة العين ومجمع عين سلوان وكل ما طالته الحفريات، لافتًا إلى أن هذا يعتمد على توقيت بدء الحفر.

ويتابع: "إذا كان الحفر في بدايته فربما نشهد خلال المدّة القريبة انهيارات مماثلة، أما المناطق التي تشهد حفريات منذ سنوات مثل حي وادي حلوة فهي بالفعل أصبحت ضحية هذه الانهيارات خاصة المناطق الملاصقة للمسجد الأقصى من الجهة الجنوبية نتيجة أن الحفريات تتم منذ مدّة طويلة فبدأت الآثار ظاهرة بشكل كبير عليها".

ويزداد القلق لدى أهالي سلوان الذين يصرخون بصمت ضد هذه الحفريات القاتلة، فمنازلهم قد تصبح يوما ما شيئا من الماضي إذا استمر التجاهل الدولي والرسمي لما يحدث لهم.

ويقول رئيس لجنة الدفاع عن حي بطن الهوى زهير الرجبي لـ"فلسطين" إن الحفريات منذ بدايتها كانت وما زالت أمرا مقلقا لأهالي البلدة وتزيد من ضغطهم المستمر في كل شتاء، لأن أي هطول للأمطار يتصاحب مع تشققات وانهيارات خاصة في حي وادي حلوة.

ويضيف: "نخشى يوما أن نستيقظ من النوم على خبر مقتل عائلة بأكملها تحت ركام منزلها بسبب الانهيارات، وهذا أمر يدعونا للقلق كل يوم، وسببه الاستهتار من حكومة الاحتلال والمستوطنين بحياة الفلسطينيين".

أما عن رد بلدية الاحتلال فيوضح الرجبي بأنها وبعد أن توجه لها الأهالي بصور واضحة عن التشققات والانهيارات لأكثر من 30 منزلا أرسلت من يتفحص الأمر ثم قالت إنه يجب إخلاء المواطنين من منازلهم وهو الأمر الذي تسعى إليه من البداية، ولم تصدر مثلا أوامر بوقف الحفريات للجمعيات الاستيطانية.

وأضاف متسائلاً: عائلات تتكون كل منها مما لا يقل عن عشرة أفراد، أين من الممكن أن ترحل عن منزلها؟ وما مصير أرضها إذا رحلت عنها وهي مركز الأطماع الاستيطانية؟