من جديد، وخلافًا للتصريحات الإعلامية التي أطلقها رئيس السلطة محمود عباس، لا يزال التنسيق الأمني مستمرًا مع الاحتلال الإسرائيلي، إذ التقى وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ ليلة الإثنين رئيس "الشاباك" الإسرائيلي نداف أرغمان وضباطًا من جيش الاحتلال لمناقشة الأوضاع الميدانية في الضفة الغربية المحتلة.
اللقاء السابق، بين الشيخ وأرغمان عقد بأمرٍ من عباس، الذي صرح في أحاديث إعلامية سابقة أن التنسيق الأمني مع الاحتلال سيتوقف، وفق قرارات المجلسين الوطني والمركزي، إلا أنه لا تزال تجري عمليات التنسيق الأمني بوتيرة أسرع من السابق، وفق ما قاله الخبير السياسي راسم عبيدات.
عدم واقعية
وقال عبيدات في حديث لصحيفة "فلسطين": إن اللقاء دليل على عدم واقعية حديث قيادة السلطة وجديتها في تنفيذ قرارات المجلسين المركزي والوطني في جلساتهم المتعاقبة، مؤكدًا أن الأجدى هو وقف التنسيق الأمني في ظل اقتحام الاحتلال المتكرر للعاصمة السيادية للسلطة.
وأضاف: "في ظل مواصلة الهجمة الاستيطانية وعمليات الاقتحام والاغتيال في الضفة الغربية، يجب تفعيل قرارات منظمة التحرير بوقف التنسيق الأمني وإعادة تقييم العلاقات السياسات الأمنية والسياسية والاقتصادية مع الاحتلال".
وأشار إلى أن "لقاء الشيخ بأرغمان، هو تكرار للقاءات السابقة التي عقدت بين مسؤولي السلطة وقادة الاحتلال، حيث لم ينفذ المسؤولون أي قرار اتخذته مؤسسات منظمة التحرير"، مؤكدًا أن ذلك لا ينسجم مع المواقف الفصائلية الوطنية.
ورأى أن السلطة لن تذهب إلى مرحلة جديدة مع الاحتلال في ظل ما تعيشه الضفة الغربية، مؤكدا أنها ستواصل التنسيق الأمني مع عدم وجود رغبة لتطبيق قرارات المجلسين المركزي والوطني.
أما الكاتب والخبير السياسي عبد الستار قاسم، رأى أن اللقاء لم يأتِ بجديد، وقال: "نحن نتوجس خيفة من أعمالهم ولقاءاتهم مع الإسرائيليين، لأن المواطن سيدفع الثمن، فهذه اللقاءات تآمرية وليست لمصلحة الشعب الفلسطيني".
وحول حديث حسين الشيخ بـ"إبلاغه (إسرائيل) أن السلطة ستعيد النظر بكل الاتفاقيات الموقعة طالما أنها مُزقت بممارسات الجيش والمستوطنين"، أوضح قاسم لـ"فلسطين": "لا يوجد أي ثقة في تصريحات مسؤولي السلطة الإعلامية ولا يوجد جرأة عند عباس بوقف التنسيق الأمني".
وتابع: "هذا كلام إعلامي ولا يوجد له طعم، وحبذا لو تقف مكتوفة الأيدي، وألا تتدخل السلطة لا لنا ولا علينا"، مستدركًا: "هي دائما علينا لا إلينا".
ورأى أن اللقاء جاء بعد تصاعد العمليات الفدائية الفردية في الضفة الغربية، موضحا "العمليات الفردية دائماً تنجح، والمطلوب الآن كيفية توعية الشباب على الاختفاء، واتباع المعايير الأمنية".
شعارات إعلامية
من جهته، رأى المختص في الشأن الفلسطيني ساري عرابي، أن موقف السلطة ومنظمة التحرير وحركة فتح، لا يزال إعلاميا يعتمد على أسلوب الشعارات دون تنفيذ القرارات.
وقال عرابي لـ"فلسطين": "إنه في اجتماعات المجلس المركزي اتخذت قرارات بوقف التنسيق الأمني وأحيلت إلى لجان لدراستها، إلا أنه يجري الحديث في الجلسات التالية عن كيفية تفعيل القرارات السابقة".
وأضاف: "هذه الشعارات والخطابات لا تستند إلى إرادة أو نية حقيقية لوقف التنسيق الأمني"، مشيرا إلى أن التنسيق الأمني لا يزال يعيق العملية الكفاحية والنضالية في الضفة الغربية.
وأوضح أنه لا يمكن الحديث عن إطلاق حالة مقاومة شعبية سلمية إعلاميا، دون انخراط حركة فتح فيها، لأنها التنظيم الوحيد الذي يتمتع بحرية حركة كبيرة في الضفة الغربية، خلافا لما تعيشه الفصائل الفلسطينية الأخرى بسبب الانقسام واستهداف الاحتلال المتواصل لها.
وأكد أنه "إذا لم تغير السلطة وحزبها متمثلًا بحركة فتح، سياستها تجاه التنسيق الأمني فإنه سيؤدي لمحاصرة الحالة الكفاحية في الضفة الغربية"، مضيفا أنه إذا أريد لعمل المقاومة أن يتسع وينتشر فيجب تغيير السياسات الرسمية.
ولفت إلى أن "السياسات الرسمية تقر بفشل مشروع التسوية وانتهائه، وأن الولايات المتحدة الأمريكية والاحتلال يفرضان واقعا جديدا لمصلحة الأخير الذي لم يلتزم بشيء وألغى ما يسمى بمنطقة (أ)".
وقال عرابي: "الشعارات السابقة ترددت طوال 18 سنة، وكثرت في آخر 5 سنوات، وللأسف الشديد يجري تكرار الحديث، دون الانتقال إلى التنفيذ".