ندد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بالممارسات القمعية وحالات التنكيل والاعتقال التي تمارسها الأجهزة الأمنية الفلسطينية تجاه الاحتجاجات السلمية التي تجري لانتقاد سياساتها في الضفة الغربية، والتي كان آخرها قمع تظاهرات لحركة حماس في عدد من مدن الضفة>
ووصف المرصد ذلك بأنه "جزء من سلسلة من الانتهاك الممنهج مارسته الأجهزة الأمنية الفلسطينية تجاه المتظاهرين السلميين على مدار العام 2018"، مشيرا إلى وجود تقاعس خطير من قبل السلطة عن الالتزام بالمعاهدات الدولية التي صادقت عليها.
وبيّن المرصد الحقوقي الدولي أن فريقه وثّق حوادث اعتداء واستخدام مفرط للقوة وانتهاك لحقوق المتظاهرين من قبل الأجهزة الأمنية أثناء فضّ عدة تظاهرات خرجت يوم الجمعة المنصرم في مدن متفرقة من الضفة الغربية.
وذكر أبرزها وهي حادثة الاعتداء بالضرب بالهراوات والعصي على "جميل كرامة" أثناء مشاركته في تظاهرة في مدينة الخليل، حيث قام أفراد من الأجهزة الأمنية بضربه بالهروات على الرأس والوجه وأنحاء مختلفة من الجسد في حين كانت زوجته تحاول أن تقف حائلاً بين أفراد الأجهزة الأمنية وبينه.
ولفت المرصد إلى أن الانتهاكات طالت كذلك عدداً من الصحفيين الذين كانوا يقومون بتصوير الحادثة، حيث نقل "مالك جباري"، وهو صحفي مصور بأن أفراداً من جهاز المخابرات الفلسطيني قاموا باعتقاله لساعات بعد ضربه ومصادرة هاتفه، وذلك إثر قيامه بتصوير حادثة الاعتداء على "كرامة" وزوجته.
وذكر المرصد أن جهاز المخابرات في مدينة رام الله اعتقل الصحفي "عبدالكريم مصيطف" بعد توثيقه اعتداء الأمن على تظاهرة خرجت في المدينة، فيما قام شبان بإلقاء الحجارة تجاه أفراد الأمن بعد منع مظاهرتهم من الوصول إلى أمام مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله.
وفي شهادة أخرى للصحفي "عاصم شنار" من مدينة نابلس، قال إن الأجهزة الأمنية في المدينة أطلقت النار على الشاب "هشام بشكار" على دوار المدينة، وقام مسلحون بلباس مدني بملاحقته، ثم قاموا بإطلاق النار على الصحفي شنّار ولاحقوه بينما كان يقوم بتوثيق ما جرى.
ونقل المرصد عن شهود عيان، أن أجهزة الأمن تجهّزت مسبقاً بالاحتشاد على بُعدٍ قريب من أماكن انطلاق المظاهرات وهم محمّلين بأدوات قمع كالهراوات والأسلحة، ولا سيما في مدينة الخليل، كما وزعت عناصر من الأجهزة الأمنية بلباس مدني في التظاهرة التي جرت في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية.
وفي سياق متصل، أشار الأورومتوسطي إلى قمع التظاهرات التي كانت خرجت في أكثر من مدينة في الضفة الغربية على مدار شهري يونيو ويوليو من هذا العام لمطالبة السلطة الفلسطينية برفع ما سُمي بالعقوبات التي فرضتها على قطاع غزة، والتي أثرت بشكل قاس على سكان القطاع المحاصر من قبل إسرائيل منذ ما يزيد على 10 أعوام.
ونوّه الأورومتوسطي إلى أنه جمع عدة شهادات أظهرت بوضوح أن الأجهزة مارست الاستخدام المفرط للقوة في ذلك الحين وانتهكت حقوق المحتجين عبر الاعتداء عليهم بشكل عشوائي بالضرب بالعصي والأقدام والسحل في الشوارع وإطلاق قنابل الصوت والغاز واعتقال العشرات بشكل تعسفي، وأن التوجه لوقف التظاهرات وقمعها ومعاقبة النشطاء المسؤولين عنها "كان ممنهجاً ومقصوداً".
وطالب المرصد الأورومتوسطي السلطة الفلسطينية بوقف كافة صور التعذيب في سجونها والالتزام بضمانات المحاكمة العادلة،مندداً في الوقت ذاته باستمرار انتهاج الأجهزة الأمنية لسياسة التعذيب داخل السجون وأثناء التحقيق.
وأشار إلى التعذيب القاسي الذي تعرضت له "سهى بدران جبارة" في سجن أريحا المركزي، والتي لا تزال معتقلة منذ 3 نوفمبر الماضي حتى اليوم، وكانت خاضت إضرابًا مفتوحًا عن الطعام يوم 22 نوفمبر احتجاجًا على ظروف اعتقالها السيّئة.
وشدد المرصد على أن استمرار حالة قمع الحريات التي تنتهجها أجهزة الأمن الفلسطينية توجب فتح تحقيق مستعجل في ملابساتها، ومحاسبة المسؤولين عن انتهاك الحريات المكفولة وفق القانون الدولي لحقوق الإنسان، والذي التزمت به السلطة في عدة معاهدات وقعتها على مدار الأعوام الأربعة الماضية.
وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطة الفلسطينية بوقف الاعتقالات التعسفية والتّعذيب والإفراج الفوري عن المعتقلين على خلفيات سياسية، وضمان الحريات العامة للفلسطينيين بما فيها الحق في التجمع والتظاهر السلمي والتعبير عن الرأي بكافة الوسائل.