فلسطين أون لاين

​ساحة الكتيبة اشتعلت "حماسًا"

الفلسطينيون يرسمون لوحة فنية جماهيرية تهتف للمقاومة

...
صورة أرشيفية
غزة/ يحيى اليعقوبي:

مع ساعات الصباح الأولى ليوم أمس في الذكرى الـ31 لانطلاقة حركة حماس، امتلأت ساحة الكتيبة بمدينة غزة باللون الأخضر وبدأت نقاط الفراغ تمتلئ تباعًا بأفواج الوافدين من محافظات القطاع، وما إن أشارت الساعة إلى الحادية عشرة صباحًا حتى بدأ مئات الآلاف الذين أَمُّوا الساحة كلوحة جماهيرية تهتف باسم المقاومة.

لقطات مختلفة رصدتها صحيفة "فلسطين" منذ أن بدأ المهرجان حتى انتهى، حيث أشعلت الأناشيد التي تمجد الوطن والشهداء والأسرى أجواء حماسية.

في مقدمة الصفوف وإلى جوار مقدمة المنصة بدت رغدة الخطيب (21 عامًا) وهي تحمل راية حماس الخضراء متفاعلة مع الحدث الذي يؤكد أن الشعب الفلسطيني مستمر في مساندة المقاومة، ولن يقبل تقسيم الأقصى، كما تقول.

وبينما كانت لبنى الترك (23 عامًا) تردد خلف الأناشيد، أشارت بيدها إلى أعداد المشاركين الكبيرة، قائلة: هذا استفتاء.. مئات الآلاف اليوم يأتون لأجل المقاومة ولتأكيد انتمائهم لها".

وفي ساحة المهرجان لم تكد تخلو زاوية أو مكان إلا وترى طفلًا يرتدي بزة عسكرية مع عصبة القسام وبندقية بلاستيكية.

في حين ارتدى عشرات الأفراد من فتيان الكشافة زيًّا خاصًّا وقبعة حمراء، يتجولون بين المشاركين وبأيدهم بالونات بألوان زاهية ومتنوعة: صفراء، وحمراء، وخضراء، وزرقاء، وبيضاء، وسوداء، ويحملون كذلك صورًا لشهداء مسيرات العودة وأبطال عملية خانيونس البطولية الذين أفشلوا مخططًا أمنيًّا للاحتلال، وصورًا أخرى لشهداء الضفة أشرف نعالوة، وصالح البرغوثي، ومجد مطير.

"بعض الحروف رسائل وقذائف" في عرافة الحفل كانت شعلة أخرى تلهب حماس الجماهير الذين تفاعلوا معها كما تفاعلوا مع ما عرض من أناشيد لفرقتي الوعد والوفاء للفن الإسلامي، تزامن ذلك مع عرض عسكري وإنشادي لجوقة كتائب القسام (قوات النخبة)، حيث ترجل عشرات المقاتلين من مركبات زيتية اللون صعدت من ممر خاص لمنصة المهرجان، يحملون قذائف موجهة، وبنادق قنص، وأسلحة خفيفة.

وفي إحدى زوايا الساحة ارتدى الطفلان محمد وشيرين المجدلاوي بزة عسكرية وعصبة القسام، ويلوحان بأيديهما براية حماس، فيما بدت الفرحة على وجهيهما، وتشير والدتهما "أم حاتم" إلى أنها وصلت أرض المهرجان الساعة السابعة صباحًا قادمة من مخيم "النصيرات" وسط القطاع، وأنها مستعدة للبقاء يومًا إضافيًّا، مضيفة: "هذه الانطلاقة تؤكد تمسكنا بالثوابت وأننا لن نعترف بالاحتلال".

في جنبات الصفوف الأمامية للكتيبة، ارتدت ثلاث فتيات لثام أبو عبيدة (المتحدث باسم كتائب القسام) الأحمر وعصبة كتائب القسام وبزة عسكرية، بمشهد لفت انتباه الكثيرين، وعلى كراسي بلاستيكية اعتلينها، رفعن ملصقات كتب عليها "لو بدي أعد نعم الله علينا لعديت قائدنا محمد الضيف مليون مرة"، وفي ملصق آخر: "سلام على رجال يراهم عدونا موتًا ونراهم أمنًا".

وكالعادة لم يخلُ مهرجان حماس من حضور كبار السن، فالحاج "أبو عماد" الذي جلس على كرسي بلاستيكي يقول إن مشاركته هي تعبير عن اعتزازه بالحركة ومشروعها النضالي.

كما لم تغِب عن الساحة الاستعدادات الإنسانية والأمنية، إذ انتشر ضباط الأمن والنظام في جنبات المهرجان وبين صفوف المشاركين لتأمين السلامة من أي عارض قد يطرأ، كما لوحظ انتشار ضباط الإسعاف والخدمات الطبية، حيث يوضح ضابط إسعاف الخدمات الطبية العسكرية أحمد القطراوي، أن 40 ضباطًا غطوا الساحة، في حين أُنشئت نقطة طبية من خمسة أطباء و15 ممرضًا، مشيرًا إلى أن الطواقم تعاملت مع 80 حالةإغماء بسبب شد الازدحام.

دلالات رمزية

ولكثرة أعداد المشاركين الذين حالت الحشود بينهم وبين معاينة فعاليات المهرجان بأعينهم، علق الآلاف من أبصارهم على شاشة عرض ضوئية كبيرة نصبت على الجانب الأيمن لوسط المهرجان، إذ وفرت تلك الشاشات على الشاب إسماعيل أبو عمشة وغيره معاناة كبيرة في محاولات بائسة للتقدم أمامًا لمعاينة المنصة.

ويرى لـ"فلسطين" أن الشاشة أتاحت الفرصة لمشاهدة المهرجان بكل تفاصيله، ومن زوايا مختلفة، ومنعت تدافع الجماهير التي قد تؤذي بعضها بعضًا بسبب ذلك.

الوصول للصفوف الخلفية للمهرجان استغرق وقتًا لكثرة أعداد المشاركين، في تلك الأثناء صادفت "فلسطين" فتاتين تتجولان بزي النخبة القسامية بين المشاركين، ولا تخفي إحداهن "استبرق الصوفي" (13 عامًا) أنهما وصلتا لأرض المهرجان بصحبة عائلتيهما الساعة الثامنة صباحًا قادمتين من محافظة رفح، مشيرة إلى أن للبزة العسكرية دلالة رمزية على تمسكهما بالمقاومة كنهج وخيار.

أما إسماعيل الكفارنة الذي يعمل مديرًا لمدرسة حكومية في بلدة بيت حانون، فأشار إلى أنه قدم إلى المهرجان بصحبة أبنائه ومجموعة من المدرسين، مضيفًا: "هذه الانطلاقة لها طعم الانتصار في خانيونس وفي الأمم المتحدة، وأن الصواريخ أصبحت مؤيدة من قبل الدول التي أسقطت مشروع أمريكا بإدانة المقاومة".

وإلى الجوار منه كان جريح مسيرات العودة سعيد أبو قادوس يهم بمغادرة ساحة الكتيبة بخطى متثاقلة وهو يتكئ على عكازيه، قائلًا: "لم تمنعني الإصابة من المجيء، فحماس قدمت تضحيات كبيرة وواجب علينا مشاركتها فرحتها".