فلسطين أون لاين

​رغم استمرار رفض قطاعات فلسطينية واسعة له

لماذا تصر السلطة وحكومتها على تطبيق "قانون الضمان"؟

...
صورة أرشيفية
غزة/ يحيى اليعقوبي:


الأقطش: اتفاق "أوسلو" هو الذي يُلزم السلطة بإنشاء الصندوق لتحصيل الأموال

عمايرة: لسنا دولة لتطبيقه والحكومة تتحايل وتتلاعب لترويض الناس عساف: الحكومة تسعى إلى تحصيل الأموال لسداد ديونها المتراكمة


لم يتغير موقف السلطة ولا حكومة رامي الحمد الله بالاستجابة لمطالب إلغاء قانون الضمان الاجتماعي، رغم تواصل التظاهرات الشعبية الرافضة له، بمشاركة قطاعات مختلفة من النقابات والمؤسسات والشركات، ما يدفع إلى التساؤل عن أسباب إصرارهما على تطبيق القانون.

وينص القانون على إلزامية اقتطاع نسبة من رواتب العمال لصندوق الاستثمار التابع لمؤسسة الضمان الاجتماعي، بحيث يكون الحد الأقصى للأجر الخاضع للتأمينات الشهرية مساويًا لعشرة أضعاف الحد الأدنى للأجور، وبناء على ذلك يجب على العامل أن يدفع في تأمين الشيخوخة والوفاة والعجز الطبيعي نسبة 7%، في حين يدفع صاحب العمل 9%.

اتفاق أوسلو

أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت د. نشأت الأقطش يرى أن الضمان فكرةً مطلب حضاري واجتماعي ومطلب مهم للطبقات المحدودة الدخل أو الفقيرة، والأصل في القانون أن يلقى ترحيبًا من الشعب.

وعزا الأقطش في حديثه إلى صحيفة "فلسطين" سبب إصرار الحكومة على تطبيق القرار إلى وجود بند في اتفاق "أوسلو"، ينص أنه لا يمكن تحويل الأموال التي يحتجزها الاحتلال الإسرائيلي إلا عندما يكون هناك صندوق ضمان.

ويعتقد أن هناك نقطة خطيرة في قانون الضمان هي: "من يضمن أموال الناس؟"؛ فالحكومة غير ضامنة"، لافتًا إلى أنه لا يوجد ثقة لدى الشعب الفلسطيني في السلطة، لكونها لم تحدد من يضمن الأموال، كذلك لا يوجد ثقة بالهيئة التي ستشرف على الأموال.

وأكد أن الأصل أن يخدم هذا القانون شرائح الفقراء، مبينًا أن العامل الذي يعمل لدى الاحتلال ولديه آلاف الشواكل لا يوجد لديه ضمانة أن أمواله بأمان، كذلك الناس لا يثقون بتجربة جديدة لهذا الصندوق، خاصة أن بعض بنوده غير واضحة، أخطرها عدم وضوح من الضامن لهذا الصندوق، ومن المسؤول عنه، لكون الحكومة والسلطة ليستا ضامنتين.

ولفت الأقطش إلى أنه ليس الناس وحدهم يرفضون القانون، بل الشركات الكبيرة كذلك، لأنها ستضطر إلى تحويل أموال هائلة للصندوق، وهي مدخرات العمال، ما يعني أن الشركات الكبيرة قد تفلس، إذا ما حولت هذه الأموال مرة واحدة.

فساد السلطة

الكاتب المحلل السياسي خالد عمايرة قال: "إن السلطة وحكومة الحمد الله في أزمة مالية عقب توقف المساعدات من الولايات المتحدة الأمريكية، وتريدان تعويض ذلك بأخذ الأموال من الشعب".

وأضاف عمايرة لـ"فلسطين": "إن المواطنين العاديين لا يؤمنون لا بديمومة السلطة ولا عدالتها في موضوع الضمان الاجتماعي، وإعطاء الحقوق لأصحابها".

وهناك صورتان تتعلقان بالقانون، وفق ما يرى عمايرة، الأولى انتشار الفساد المزمن في كل قطاعات السلطة، الأمر الذي يجعل الناس لا تعتمد على حسن النية، خاصة عندما يتعلق الأمر بلقمة عيشهم، فهم يريدون شيئًا مضمونًا.

والصورة الثانية وجود قدر كبير من عدم الثقة بين السلطة والمواطن العادي، في وضع اقتصادي كارثي بالضفة الغربية، خاصة أنه لا يوجد إلا مصدران للدخل فيها: إما العمل لدى السلطة، ويجب أن يكون الفرد فتحاويًّا أو مؤيدًا لسياسات السلطة، أو العمل في الأراضي المحتلة عام 1948م، ويتطلب هذا فحوصات أمنية عدة، مع معاناة القطاع الخاص من الوضع الاقتصادي وارتباطه بالمصدرين السابقين.

وأكد عمايرة إصرار السلطة والحكومة على تطبيق قانون الضمان، محاولتين التحايل على الناس والتلاعب بهم، معتقدًا أن عددًا قليلًا سيوافق على القانون في حال أجري استفتاء فيه.

وبشأن طرق التحايل لتطبيق القانون يرى أنها تحاول إيهام الناس أنها لن تطبق القانون فورًا وإنما تدريجًا بهدف ترويضهم، قائلًا: "إن السلطة مخطئة حينما تتعقد أننا أصبحنا دولة، لأن استمرارها غير مضمون في نظر الناس، لذلك هم غير مستعدين للتضحية بلقمة عيشهم وتقديمها لشيء غير مضمون".

وأضاف: "لا يمكن تطبيق القانون في الأوضاع السياسية والاقتصادية الحالية، مع زيادة نسبة الفقر، وانتشار ملايين الشيكات في الشارع ليس لها أرصدة".

ونبه إلى أن هناك أشياء كثيرة يجب فعلها قبل فرض القانون، أولها قيام الدولة الفلسطينية، وثانيها إيجاد فرص عمل كي يستطيع الناس دفع الضرائب، لافتًا إلى أن وضع رئيس السلطة محمود عباس رئيسًا ليس مثاليًّا ولا قانونيًّا، ووضعه أشبه بمرحلة انتقالية.

وأشار إلى أن القانون ينص على أن يحصل الموظف على 2% عن كل سنة من سنوات الاشتراك من متوسط الأجر المرجح لآخر ثلاث سنوات من العمل، على ألا يُدفع الراتب التقاعدي للمتقاعدين مبكرًا في سن الـ50، إذ يجب عليهم خلال السنوات العشر حتى سن الـ60 الانتظار دون راتب، أو البحث عن عملٍ واستكمال دفع الاشتراكات لمؤسسة الضمان، وهذا لا يُعقل.

الديون المتراكمة

في حين قلل الكاتب المحلل السياسي عمر عساف من جدية ادعاءات حكومة الحمد الله بأن إصرارها على تطبيق القانون رغبة في توفير أمن اجتماعي للناس.

وأعرب عساف في حديثه إلى "فلسطين" عن اعتقاده أن للحكومة أهدافًا أخرى وراء هذا الإصرار والقمع الكبير للمتظاهرين والمعارضين للقانون، أهمها سعيها إلى تحصيل كل الأموال، خاصة أموال العمال الموجودة لدى الاحتلال، كي توجهها لسداد ديونها المتراكمة عليها.

وقال: "إنه لا يوجد ضمانات بألا تكون هذه الأموال عرضة للفساد داخل السلطة"، مشددًا على أن الأولى أن تستمع الحكومة لمعارضي القانون، وترك المجال لهم للتعبير عن رأيهم بحرية، خاصة أن أحد بنود القانون الأساسي الفلسطيني يضمن حرية التعبير عن الرأي.