أكد النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي د. حسن خريشة أن استخدام حكومة الحمد الله بعض الأشخاص في المجلس، من طريق مسمى الكتل البرلمانية، تحت إطار تقديم الاستشارات وإجراء الحوارات مع الحراك الرافض لقانون الضمان الاجتماعي؛ هو تقمص لدور المجلس الشرعي؛ لتغطية عجزها عن تطبيق القانون في حالة التوتر التي تسود الشارع.
وبين خريشة في حوار خاص بصحيفة "فلسطين" أن المجلس التشريعي غائب ومغيّب، وأي اجتماعات خارج إطاره هي غير قانونية؛ فالتشريعي له رئاسة، يجب أن يجتمع وحدة واحدة في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة عبر (الفيديو كونفرنس) لمناقشة أي قضية.
وقال: "أما عزام الأحمد (عضو اللجنة المركزية لحركة فتح) ومجموعة الأشخاص الذين يجتمعون ويناقشون باسم التشريعي فهم أولًا لا يشكلون النصاب، ثم إنهم لا يُحسبون على التشريعي، واجتماعاتهم اجتهادات لهم، ولا تعبر عن المجلس".
وبين أن المجلس التشريعي كان لديه توجه لسن قانون للضمان الاجتماعي، بعد سن قانون العمل، ثم تفاجأ أعضاء المجلس برئيس السلطة محمود عباس الذي غيب المجلس وعطل صلاحياته يصدر قوانين بمراسم رئاسية، تحمل صفة حالة طارئة لا تحتمل التأجيل، لسن قانون الضمان الاجتماعي الحالي.
ولفت إلى أن قانون الضمان الحالي يحتمل التأجيل ولا يحمل صفة الضرورة والطوارئ، مؤكدًا في الوقت ذاته أنه من الناحية القانونية يجب صدور قانون الضمان عن التشريعي، لكن تعطيل المجلس فتح الباب واسعًا للآخرين، في وقتٍ ليس ملائمًا.
وشدد خريشة على أن الشعب الفلسطيني بأمس الحاجة لقانون يضمن الحياة الاجتماعية له، لكن الوقت الآن غير مناسب، وقدرات حكومة الحمد الله محدودة في تطبيق قانون كهذا، نظرًا لحالة الانقسام الفلسطيني منذ أكثر من عقد، إضافة إلى حالة التضييق من الاحتلال الإسرائيلي.
ونبّه إلى أن أي قانون يجب أن يكون انعكاسًا للحالة المجتمعية، وأن يعكس توجهات ورغبات المواطنين.
إرادة الشعب
وعن موقف التشريعي من الحراك الفاعل في الضفة الغربية المحتلة ضد قانون الضمان الاجتماعي قال خريشة: "بصفتي نائبًا دائمًا ما أتخذ قاعدة تقول: الشعب أصدق إنباء من كل الأحاديث، ونحن في التشريعي جئنا نتاج انتخابات نزيهة شارك فيها الشعب، ويجب الالتزام بإرادة الشعب".
وأكد أن خروج آلاف المواطنين في معظم محافظات الضفة الغربية، مرددين شعارًا واحدًا يقول: "لا نريد هذا القانون"، لأسباب كثيرة يطرحونها دائمًا بوضوح؛ إنما هو تعبير واضح عن حالة الرفض الشعبي لهذا القانون.
وأكمل: "بناءً على الرفض الشعبي يجب على الحكومة الانحياز إلى خيار الشعب، ثم إننا ندرك أننا لسنا قادرين على تطبيق هذا القانون بالمعايير التي نتحدث عنها، لأنه لا سيادة لنا، أيضًا يوجد حد أدنى للأجور، وحتى اللحظة لم يطبق قانون العمل، وأعتقد أن ظلمًا سيلحق بالعمال، تحديدًا الذين عملوا داخل الأراضي المحتلة عام 1948م".
يضاف إلى ذلك أن أهم الملاحظات التي تؤخذ على قانون الضمان -بحسب ما يرى خريشة- انعدام الثقة بين الشعب والسلطة وحكومتها، تساءل: "هل يستطيع المؤيدون للقانون الخروج بتظاهرة تجمع 500 شخص ويهتفون نريد القانون؟!".
ووصف تصريحات حكومة الحمد الله المتعلقة بتعديل بعض نقاط قانون الضمان بأثر رجعي بأنها "تراجع تكتيكي للانقضاض مرة أخرى، وليست تصريحات فعلية"، مؤكدًا ضرورة عدم تطبيق القانون بأي حال من الأحوال.
ويعتقد أن المواطن ينحاز إلى أوضاعه الحياتية أكثر من انحيازه إلى القوى السياسية أو ثقته بها، سواء أكانت تلك القوى مجتمعية أم كانت فصائلية، وقال: "حين تدعو الفصائل والقوى إلى تظاهرة لمواجهة الاحتلال في الخان الأحمر شرقي القدس -على سبيل المثال- يجتمع العديد، أما حين مست الحكومة لقمة عيش المواطنين تجمعوا بمئات الآلاف، وهذا تعبير صادق عن رفض القانون".
استعادة الثقة
ودعا النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي السلطة إلى "التعقل" في طرح وإصدار القوانين، خاصة تلك التي تمس حياة المواطنين، واستعادة ثقة الشعب بحكومته وقواه السياسية.
وطالب رئاسة السلطة بتفعيل دور المؤسسات الفلسطينية الرسمية، وعلى رأسها المجلس التشريعي، ليأخذ دوره في تشريع القوانين والرقابة على تطبيقها.
وأكد ضرورة الحفاظ على أموال العمال الفلسطينيين الموجودة لدى الاحتلال، لكونها أموالًا خاصة وليست عامة، محذرًا من تكرار تجربة استثمارها، كما حدث مع "صندوق الاستثمار الفلسطيني الذي كان يترأسه خالد سلام، وأخذ أموال المتقاعدين وخسرها في استثمارات فاشلة".
وتمنى على رئيس السلطة الاستعانة بخبراء ومستشارين أكفاء، يغلبون المصلحة العامة على المصالح الشخصية الضيقة، وفق تعبيره.