قائمة الموقع

أطفال "جورة الصفطاوي" يبحثون عن الحياة

2017-01-29T09:33:54+02:00
جورة الصفطاوي - تصوير / ياسر فتحي

70 مترًا مربعًا فقط، جدران متهالكة تتغلغل فيها آثار المياه، يعلوها لوح من "الزينكو" المرتعش من شدة المطر والهواء، وبعيدًا عن أي ملمح لمقومات الحياة الإنسانية، تستعد أسرتان غزيتان، بأطفالها ونسائها، لاستقبال المزيد من المنخفضات الجوية.

"ماما.."؛ تمسكُ طفلةٌ قمحيَّة، نظراتها لا تشي بشيء سوى حاجتها للحياة، بثياب والدتها العشرينية، التي تحمل بين ذراعيها رضيعها القادم للعيش في ذات المكان.

كقشةٍ يمسك هؤلاء بأي زائرٍ يمكن أن يسمع ضجيج أنينهم، المستمر منذ 17 سنةً، كما يقولون، لمواجهة ضنك العيش.

هذا المكان الواقع في شمال غزة، والمسمى "جورة الصفطاوي" أو كما يُطلق عليها "جورة الموت"، لا تعيش فيه عائلة رفيق البيشاوي فحسب، بل تلاصقه "أشباه منازل" أخرى، في ذات الظروف التي لا يمكن لاثنين أن يختلفا على مأساويتها.

بمجرد أن تراك إحدى السيدات في هذا المكان، تنطلق عباراتها بصوتٍ لا تختلف نبرته عن واقع المعاناة: "في الصيف والشتا بنعاني.. في بعوض، وحيَّات (ثعابين)!".

والأمتار الـ70، هي ذاتها عبارة عن المطبخ، ودورة المياه، ومكان النوم، والمعيشة، واستقبال الضيوف، تعج بنحو 10 أفراد بينهم ستة أطفال لا يعلمون إلى أين يتجه بهم الحال.

تصف هذه السيدة ما تتعرض له أسرتها في الشتاء بأنه "غرق"، مشيرة بيديها إلى الفراش المهترئ، وإلى عيون صغارها، "أولادنا عيانين (مرضى) من الغرق والمجاري، هذه هي عيشتنا، كما يمكنكم أن تروا! هذه هي غرفتي!".

ويخلو هذا المكان، الذي يفترض أن يكون صالحًا للسكن، حتى من غاز الطهي، وهذا ما دعاها إلى الكشف عن جسد ابنها الذي تبدو عليه علامات احتراق تعرض لها يوم أن أشعلوا النار لطهي بعض الطعام.

لكن حتى الطعام، كما تؤكد، يحصلون عليه بصعوبة بالغة، ويوم أن حصلوا على ما يمكنهم طهيه حدث ما حدث لطفلها الذي أصابته النار، فاضطرت للبيات معه في المستشفى لما يزيد على شهر.

ويبدو أثاث ما لا يمكن وصفه بأنه "منزل"، مهترئًا للغاية، يشمل خزانة بلا أبواب أو رفوف، وفراشًا عفا عليه الزمن.

أما طفلتها التي تبلغ من عمرها ثماني سنوات، فكان صراعها مع ما تصفه بأنه "حيَّة"، قائلة: "لقيت (وجدت) الحية تحت راس بنتي، منيح ما قرصتها وموتتها، الله كتبلها عمر جديد".

وإنْ كان أحد أطفالها أصيب بالحرق، فإن الآخر كان قد "غرق" يومًا في مياه الأمطار "اتصلنا على الإسعاف اجى أخده، وأنا سُفت (أغمي علي) قلت: بيعوض الله عليَّ في ابني".

وتوضح أن أفراد العائلة "لم يذوقوا طعم النوم" منذ الخميس الماضي، بسبب مياه الصرف الصحي التي تغزو مكان سكنهم.

وتعكس هذه الظروف، حالة نفسية مرهقة على جميع أفراد هذه العائلة، ومن شابههم في المنطقة، عدا عن معاناة بعضهم من المرض.

طفلان في هذه الأسرة، يتوجهان إلى المدرسة، انطلاقًا من هذا السكن، مشيًا على الأقدام، دون مصروف، أو زي ملائم، لكل واحد منهما "سندويش دُقَّة" تحضره لهما والدتهما بالكاد، كما توضح لصحيفة "فلسطين".

لا يزال هؤلاء الأطفال، الذين يرتدون ملابس يظهر عليها القدم، يقبعون في ذات المكان، هم وآباؤهم، في انتظار الجهات الرسمية للنظر في أوضاعهم، ومساعدتهم في مواجهة التحديات المعيشية.

اخبار ذات صلة