كالورود المتفتحة، دخل الطفلان أحمد الزعتري (15 عامًا) وشادي فراح (15 عامًا) سجون الاحتلال الإسرائيلي، قبل ثلاثة أعوام، وخرجا عكس ذلك تمامًا، بفعل تعذيب قاسٍ تعرضا له، ومحاولة قتل لأحدهما.
"كل الأسرى رح يطلعوا هيك".. تلك العبارة التي رددها الطفل فراح، فور الإفراج عنه ورفيق دربه أحمد من سجون الاحتلال، في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، اختصرت ثلاث سنوات من الأسر، إذ أمسك الطفلان وردة وأسقطا ورقها، تعبيرًا منهما عن مأساة أسر الأطفال، كاشفين عن أساليب التعذيب التي مارسها محققو الاحتلال بحقهما خلال مد اعتقالهما.
وبالعودة للبداية، اعتدت قوات الاحتلال على الطفلين لحظة عودتهما من مدرستهما في حي كفر عقب بمدينة القدس المحتلة، لتتطور الأحداث باعتقالهما، وهما في عمر 12 عامًا، ويقضيان زهرة طفولتهما في سجن "المسكوبية"، بعد ادعاءات كاذبة وجهتها لهم سلطات الاحتلال.
والدة الطفل شادي لم يسع قلبها فرحة الإفراج عن ابنها البكر، قائلة إنها "فرحة لا توصف بعد غياب 3 سنوات، ولكن رغم ذلك لن تكتمل هذه الفرحة إلا بالإفراج عن الأسرى جميعا".
وأضافت أم شادي لصحيفة "فلسطين": "شادي قوي، ومعنوياته عالية، لكن الأسر أخذه طفلًا وأخرجه رجلًا رغم صغر سنه، فكل شيء فيه تغير بسبب الظلم والقمع الذي تعرض له".
تفاصيل مؤلمة!
الطفل شادي، روى لـ"فلسطين" تفاصيل مريرة قضاها في سجون الاحتلال، حيث أُخضع لجلسات تحقيق قاسية، عذب خلالها بشتى أصناف التعذيب في سجن "المسكوبية".
وأضاف أنه من شدة التعذيب تصل لمرحلة لا تستطيع القول للمحقق "لا" لشيء لم تفعله، "شو ما تحكي على الفاضي، وشو بده المحقق بصير"، واصفًا الأيام التي عاشها في التحقيق بـ"أفلام الرعب".
وبكل ألم، يضيف الطفل أن إدارة السجون لم تسمح له برؤية والدته لمدة 5 أشهر، ولا حتى الحديث معها، وعقب ذلك أصبحت الزيارة لمدة 10 دقائق فقط خلال الأسبوع إذا تمكنا من ذكل.
واشتكى الطفلان فراح والزعتري من أوضاع مأساوية يعيشها الأطفال في سجون الاحتلال، من سوء التغذية والطعام، ومنع الدواء، عدا عن إعطائهم أدوية إجبارية تؤثر على حياته اليومية، موضحين "ضلينا مدروخين ودايخين طول اليوم بسبب دواء أعطونا إياه جنود الاحتلال".
وأكد الطفلان نيتهما استكمال تعليمهما الثانوي والجامعي، ومواصلة دعم الأسرى، مشددين على ضرورة تقديم المساعدة لهم والإفراج عنهم ومتابعة حياتهم من مؤسسات حقوق الإنسان.
وتابع شادي: "أعطوني مرة دواء شبه مخدر، بخلي البني آدم نهار وليل ما يحكي ولا كلمة، وأعطوني الدواء، وبعد 10 أيام من ذلك رآني والدي في السجن وفضحهم على الأخبار"، داعيًا إلى ضرورة فحص أي دواء يقدمه الاحتلال لأي أسير في السجون.
ودعا الطفل فراح إلى ضرورة توفير رقابة على سجون الأطفال "فهناك يحتاجون مساعدة ومساندة وناس تقف معهم، وفش ملابس كافية لهم"، لافتًا إلى أن سلطات الاحتلال تدمج الأطفال الفلسطينيين مع معتقلين أمنيين جنائيين إسرائيليين "وكان هذا أمرًا مخيفًا".
وأوضح أن المحققين يتعمدون توجيه الشتائم النابية وغير الأخلاقية لوضع الخوف في قلوب الأطفال الأسرى، مشيرًا إلى أنهم كانوا يغلقون كاميرات توثق التحقيق "عندما نجيب على أسئلتهم بطريقة لا يرغبونها، ويضربوننا بشكل عنيف".
أما الطفل أحمد الزعتري، تحدث إلى تعرضه لمحاولة قتل على يد المحققين الإسرائيليين، قائلًا: كنت وحدي، فأخذني أحد المسؤولين على غرفة وأغلق الباب وبدأ بضربي "كان خانقني ومش قادر أتنفس، وبده أعترف بالقوة على شيء محصلش"، مضيفا "الأطفال الأسرى بعيشوا حياة صعبة جدا في السجن، ولازم يكون رقابة على الاحتلال وشو بعمل ضدهم".
واعتقلت قوات الاحتلال منذ بداية العام الجاري أكثر من 900 طفل ما دون 18 عامًا، في حين يتعرض 95% من الأطفال الذين يتم اعتقالهم للتعذيب والاعتداء خلال اعتقالهم، بعصب أعينهم وربط أيديهم قبل انتزاع اعترافات منهم بالإكراه في غياب محامين أو أفراد العائلة أثناء الاستجواب، وفق وزارة الأسرى والمحررين.
وأفادت الوزارة بأن الأطفال الأسرى محرومون من الرعاية الصحية والعلاج الطبي المناسب، وعادة ما تكون أقراص المسكنات (الأكمول) هي العلاج لمختلف أمراضهم، عدا عن رفض إدارة السجن إخراج الأطفال المرضى إلى عيادات السجن، أو توفير طبيبا مقيما بشكل دائم لهم، ومماطلتها في إجراء عمليات جراحية للمصابين منهم.