فلسطين أون لاين

مهارتهن أنستهن إعاقتهن

التهديف من فوق الكرسي لعبة "فارسات فلسطين"

...
صورة أرشيفية
غزة/ مريم الشوبكي:

كن كالفراشات يتنقلن بين زاويا الملعب بكراسيهن رغم إعاقتهن الحركية، وروحهن القتالية نحو التهديف لوهلة تجعلك تنسى أنهن قعيدات، ماهرات في تحريك عجلات كراسيهن بيد، وباليد الأخرى يضربن الكرة أرضًا، ويعرقل بعضهن بعضًا بالعجلات حتى لا يهدفن.

مع كل هزة لشباك سلة الفريق المنافس كانت أصوات الفرح والإنجاز تهز أرجاء الملعب من لاعبات نادي "فارسات" فلسطين لذوات الإعاقة، فبإرادتهن تحدين الإعاقة ونافسن أندية أخرى، وانتزعن المركز الأول في رياضة كرة السلة لهذا العام على مستوى قطاع غزة.

اكتشفت نفسي

ماهرة في ركل الكرة أرضًا ثم التقاطها، سريعة في تحريك كرسيها نحو السلة، تجيد التهديف، في الفريق هي الموزعة، اللاعبة "وسام الدلو" انضمت إلى فارسات فلسطين منذ عام، واستطاعت أن تحقق معه نجاحًا ليحصد المركز الأول في كرة السلة.

تقول "الدلو" (22 عامًا) لصحيفة "فلسطين": "التحاقي بالفريق كان مجرد صدفة، كنت أتردد إلى مركز لذوي الاحتياجات الخاصة، وفي أثناء تبادلي أطراف الحديث مع صديقاتي عرضن علي الانضمام إلى الفريق الذي يلعبن في صفوفه، وجدت الفرصة سانحة لأثبت وجودي، وأتلقى الدعم والتشجيع منه".

وتعاني الدلو من خلع ولادة أدى إلى قصر في رجلها اليسرى، تضيف: "شغوفة جدًّا بلعب الرياضة، اكتشفت مهارات رياضية عديدة لم أستطع اكتشافها، لولا ممارستي لها في النادي، إذ أتمتع بلياقة منحتني السرعة في التحرك، والقدرة على التهديف، والتقاط الكرة من الجوانب عند سقوطها".

وتشير الدلو إلى أن لعب رياضة كرة السلة جلوسًا يحتاج قوة في الذراعين لحمل الكرة والتصويب نحو السلة، ومرونة في الخصر لكي تستطيع اللاعبة الميل يمينًا ويسارًا، وهذا يتطلب خضوعها لتمارين لياقة بدنية قبل ممارستها.

دعم لتمثيل فلسطين

وتخضع لاعبات نادي فارسات فلسطين للتدريب مرة واحدة أسبوعيًّا، بسبب عدم القدرة المادية على استئجار صالة التدريب أكثر من ذلك، وتشكو الدلو عدم كفاية أيام التدريب التي تحتاجها اللاعبات، إذ من المفترض أن يخضعن للتدريب ثلاث مرات أسبوعيًّا على الأقل، لاكتساب المهارات وتقوية العضلات.

وتلفت إلى أن بعض نوادي ذوي الإعاقة لديها صالة تدريب خاصة، وهذا ما يحتاجه نادي الفارسات، لضمان الاستمرارية في التمرين.

ولتعويض نقص أيام التدريب تشير إلى أنها تشاهد مقاطع عن تدريبات كرة السلة لذوات الإعاقة، وتطبقها في البيت، ومنها اكتسبت مهارات طورت من أدائها على أرضية الملعب.

وتطمح الدلو إلى تمثيل منتخب فلسطين في الخارج عربيًّا ودوليًّا، الذي يحتاج دعمًا لزيادة أيام التدريب وساعاته، وتوفير الإمكانات له، ودعم لاعبات الفريق ماديًّا أيضًا.

إنجاز

أما اللاعبة ياسمين النزلي فهي تمارس رياضة الكرة الطائرة جلوسًا منذ كانت في سن 15 عامًا، وقبل ثلاث سنوات التحقت بنادي الفارسات، أي منذ إنشائه.

وتقول النزلي (22 عامًا) لـ"فلسطين": "أعاني من قصر في رجلي اليسرى بمقدار 10 سم، وإعاقتي لم تكن حاجزًا بيني وبين المجتمع، بل على العكس كنت أخرج وأمارس الرياضات التي أحب، ولاقيت التشجيع والدعم من والدي".

وتتابع: "مررت بأحوال صعبة في آخر سنة من حياتي، وكان السبيل الوحيد للخروج من الشعور بالكآبة هو ممارسة الرياضة التي أثرت إيجابًا في حالتي النفسية، وعدم الاستسلام لهذا الشعور".

وتصف النزلي لحظة تتويج لاعبات الفريق بالمركز الأول بأنه إنجاز كبير، تتمنى تكراره مرة ثانية.

وتؤكد أن الالتحاق بالنادي لم يكسبها مهارات رياضية فقطـ، بل كان جسرًا لربطها بالمجتمع، والاندماج فيه، وفرض نفسها عليها بأنها عضو فعال رغم الإعاقة، ما انعكس على زيادة ثقتها في نفسها.