الخيارات والبدائل في حالة التعامل مع الاحتلال تؤخذ في العديد من الاعتبارات قبل الجزم في التعامل مع الثوابت والمتغيرات، وهو ما يدعو للتريث قبل الحسم في الخيارات المطروحة، وهو ما يزيد ويعقد من دور المحللين والمتابعين، وبالتالي تقدير الموقف للمقربين من صانع القرار الذي بدوره يتحمل مسؤولية اتخاذ القرار.
المواجهة الأخيرة لم تكن عابرة، بل جاءت نتاج تراكم للمواجهات الماضية، وهي مواجهات مسيطر عليه، وفق رغبة الطرفين، وفي سقفها أنهما لا يريدان الحرب، لكن في الواقع هناك ما يقود الطرفان نحو المواجهة الأكبر التي تقود نحو حرب.
لديك السيناريو التالي لحادثة خانيونس، والذي يمكن أن يتكرر بأي لحظة أو توقيت آخر:
مجموعة من عناصر القسام اشتبهت بسيارة الفلوكس وبها 6 أشخاص تسير في الشارع الرئيس الواصل للمنطقة الشرقية، تم توقيفها والتحقق من هويات ركابها، لكن نباهة القيادي الميداني نور بركة لم يدع الحادثة أن تمر، وهو ما استنفد وقتا طويلا في التحقق.
تفاصيل كثيرة لما دار من نقاش بين الجانبين، لكن الأهم في لحظة الساعة التاسعة قرر ركاب السيارة إنهاء المسلسل الطويل ودقائق الانتظار بالذهاب لسيناريو الاشتباك، وإطلاق النار على عناصر القسام، الذين أيضا أطلقوا النار وقتلوا وأصابوا بعضًا.
السيناريو الذي كان سيقود للحرب مدته دقائق، ماذا لو أن عنصرا من القسام الذين انتشروا في لحظات اكتشاف السيارة وأفرغ رصاصه في ركاب السيارة وقتلهم؟ وماذا لو أن الشبان اقتادوا الركاب إلى موقع للشرطة والقسام، وانكشف أمرهم أسرى أو قتلى، أو تدخل الطيران وقصف الوحدة الخاصة مع الشبان باستخدام ما يعرف بأمر "هانيبال" الذي يقوم على إبادة الجنود والمنطقة التي يقع فيها أحداث مشابهة.
إذا كنا في لحظة ما ذاهبون لحرب شاملة ومتدرجة، وفي هذه المرة استدرك الطرفان الأمر.
هل هناك ضمانات بعدم وقوع أحداث مشابهة، أو تهور الاحتلال نحو تنفيذ عملية اغتيال كبيرة؟ الذي يتضح أن الاحتلال يذهب بهذا الاتجاه لاستعادة ما يقول إنه الردع.
لنعود للتساؤل المواجهة أم التهدئة؟ وهنا تخضع الاعتبارات التي تتركز حول استمرارها لكن يجمع غالبية الخبراء والمختصين على أن غدر الاحتلال لا يخضع لمعادلات التهدئة أم المواجهة.
يعي الاحتلال مقاييس ودروس المواجهة الأخيرة وسيعيد كثيرًا من حساباته، لكن دافع الثأر والانتقام حاضر، بعيدًا عن المنطق في مبررات المواجهة، وهو ما قد يتوافق مع رغبة نتنياهو في تسجيل إنجاز عسكري بعد اتهامه بالفشل في التعامل مع غزة.