لا أحد كان يتوقع تصريح ترامب الأخير حول العلاقة الإستراتيجية بين ( إسرائيل) والسعودية؟! لا وجود آمن لإسرائيل من دون السعودية . حماية أميركا لولي العهد في المملكة، حماية لإسرائيل. السياسة الأميركية الخارجية في الشرق الأوسط ليست محفظة نقود فحسب، بل سياسة تقوم على حماية أمن (إسرائيل)، وتطبيع علاقات دول الشرق الأوسط معها، ومكافحة التهديدات التي قد تطرأ في المنطقة.
ترامب يشير إلى علاقات قديمة وتاريخية بين الدولتين، وهذا شيء مهم، والأهم منه أن المملكة لم تعترض على التصريح، ولم تنف مضمونه، ولا تاريخه، ولاذت بالصمت، الأمر الذي فتح الباب على تحليلات تاريخية، وعلى تكهنات مستقبلية. الأنظمة العربية غارقة حتى أذنيها في خدمة إسرائيل وأميركا، وهي لم تكن يوما جادة في حماية فلسطين وتحريرها، لا سيما بعد رحيل الملك فيصل، الذي قدم نموذجا عربيا جيدا.
إسرائيل تحظى فيما يبدو بأفضلية في التعاملات التجارية مع دول الخليج، دون معاهدات مكتوبة، أو تصريحات حادة. دول الخليج العربي تشتري أجهزة تنصت وتجسس بشكل مباشر من تل أبيب، وتشتري أسلحة خاصة، وتشارك في تدريبات مشتركة معها، وتتبادل معها المعلومات الاستخبارية بشكل روتيني.
أميركا احتضنت إسرائيل واحتضنت دول الخليج والمملكة معا، كان ذلك في زمن ترامب، وقبل ترامب، ومن ثمة كان طبيعيا أن تنشأ علاقات ودٍّ وتفهم بينهما برعاية أميركا الدولة الحاضنة، وكان طبيعيا أن تكون القضية الفلسطينية هي الخاسر الأكبر من هذه الحاضنة المزدوجة. إن كل مساعدات المملكة والخليج للفلسطينيين في العقود الماضية تتبخر، وتصبح هباء منثورًا أمام تصريح ترامب الأخير الذي ربط بقاء وجود إسرائيل بالمملكة، ومن ثمة فإن الواجب الأميركي يقتضي حماية ولي عهد المملكة من تهمة الأمر بالقتل. ترامب قرر اللعب على المكشوف، والأطراف المعنية كانت مضطرة للقبول بهذا، وعلى الرأي العام العربي والسعودي القبول باللعبة كما تريدها أميركا.