ما إن نشرت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، صور الوحدة الخاصة الإسرائيلية، التي تسللت شرقي خانيونس جنوبي قطاع غزة لتنفيذ مهمات استخبارية لمصلحة جيش الاحتلال، حتى سارعت الرقابة الإسرائيلية إلى حظر تداول الصور ومنعت نشرها في وسائل الإعلام والمواقع العبرية.
والخميس الماضي، 11 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، نشرت كتائب القسام صور الوحدة الخاصة، وضمت رجالًا ونساء، بعد 10 أيام من تحقيقات القسام في حادثة كشف عناصرها قوة "كوماندوس" إسرائيلي شرق خانيونس، والتي كانت بصدد تنفيذ مهمة استخبارية، الأحد 11 تشيرين الثاني/ نوفمبر الجاري.
وقال محللان سياسيان: إن التداعيات التي ستترتب على كشف الوحدة الخاصة، هي ما يصدم (إسرائيل) وتخشاه بشدة.
ورأى المحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي عادل شديد، أن أخطر التبعات التي قد تعود على الاحتلال من وراء ذلك تتعلق بالجانب الأمني، إذ يتوقع مشاركة القوة -المكشوف أمرها حاليًا- في كثير من المهمات في دول عربية أو غيرها لها علاقات جيدة مع (إسرائيل)، وهو ما سيؤدي إلى كشف شبكات تعمل لمصلحة الاحتلال موجودة أيضًا بهذه الدول.
وقال شديد لـ"فلسطين"، إن الاحتلال يخشى من أن يشكل كشف القوة الخاصة وصور أعضائها، بداية لاختراقات أمنية تشكل ضربة للعصب الأمني الإسرائيلي تؤدي فيما بعد إلى ملاحقة (إسرائيل) كما جرى بعد اغتيال "الموساد" للقائد العسكري في حماس محمود المبحوح مطلع عام 2010، في إمارة دبي.
وأضاف: "في كل الأحوال؛ الموضوع ليس سهلًا على (إسرائيل) أن تكشف مجموعة جزء منها عرب، كانت غزة بالنسبة لهم ساحة من الساحات التي عملت فيها هذه المجموعة، وأنفق عليها الكثير من أن تصل إلى هذا المستوى من التدريب والمهارة العالية"، على حد رأيه.
واستدرك: "التداعيات والتبعات ستكون على كل الأصعدة بالنسبة للاحتلال، لذلك كان هناك صدمة في (إسرائيل) بعد نشر الصور، وتلاه حظر نشرها بمواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإعلامية في (إسرائيل)، حتى لا تستفيد حماس وأجهزة أمنها من معلومات أو تعليقات تشير إلى أسمائهم وعناوينهم وأماكن زاروها أو شوهدوا فيها، وهذا ضمن حرب أمنية استخباراتية وصراع عقول يدور بين المقاومة وجيش الاحتلال".
"لكن في النهاية بما أن القسام كشفت القوة الإسرائيلية، يعني أن هناك إنجازًا كبيرًا حققته المقاومة"، كما يقول شديد.
وأكمل المختص بالشأن الإسرائيلي، أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، لا يمكن أن يعطي موافقة على مثل هذه العملية إلا إذا كان لديه ثقة مطلقة أنها ناجحة مئة بالمئة، وليس هناك خشية من اكتشافها، وأن الهدف صيد ثمين جدًّا ومهم بالنسبة لـ(إسرائيل).
لكن الميدان أثبت غير ذلك بعدما كشف عناصر القسام الذين استشهد منهم 7 كوادر، وقتلوا ضابطًا رفيع المستوى ضمن القوة الخاصة قبل إجلائها بطائرة مروحية من شرق خانيونس.
بدوره قال المحلل السياسي راسم عبيدات، إن نشر كتائب القسام صور القوة الخاصة المشاركين في العملية "الاستعراضية"، أحدث زلزالًا في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وخاصة أن الاحتلال اعتاد تنفيذ عمليات اغتيال في الوطن العربي دون كشف أو إيقاع خسائر بقواته المشاركة في الغالب.
وأضاف عبيدات لـ"فلسطين"، أن الأمر في غزة اختلف تمامًا، واستطاعت كتائب القسام كشف القوة الخاصة، ونشر صور أعضاء الخلية كاملة، كجزء يسير مما يمتلكه الجناح العسكري لحركة حماس، كما أعلن سابقًا.
وأشار إلى أن تداعيات ذلك لن تطال الجهاز الأمني الإسرائيلي فحسب، بل ستطال أيضًا النظام السياسي وستمس بحكومة نتنياهو مباشرة، متوقعًا أن يؤدي لاحقًا إلى انهيار حكومة الاحتلال الحالية التي كادت أن تنهار لولا وعود نتنياهو لوزرائه بضربة قاسية لغزة للحفاظ على ائتلاف الحكومة بعد استقالة وزير الجيش أفيغدور ليبرمان.
وأكمل عبيدات أن تداعيات العملية الفاشلة وكشف أعضاء القوة المنفذة، ستشمل منطقة الشرق الأوسط وستتأثر مصالح الاحتلال خاصة أن القوة الإسرائيلية قد تكون شاركت في عمليات استخبارية في دول عربية وإسلامية، لكن الأمر اختلف في غزة رغم ما تمتلكه (إسرائيل) من إمكانات تقنية.
ونبه إلى أن ما جرى سيدفع الاحتلال إلى وضع ألف حساب قبل تنفيذ أي عملية استخبارية من هذا النوع مستقبلًا.