" هل تريدون أن ترحل (إسرائيل) ؟! من دون السعودية لا يمكن تصور وجود (إسرائيل) ؟! هذا بعض ما قاله ترامب رئيس الولايات المتحدة الأميركية في تغريداته الأخيرة بعد أن تعرض بيانه عن المسئول عن قتل خاشقجي للنقد.
لا أود المشاركة في الجدل الدولي الدائر منذ أشهر حول جريمة مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي، والكاتب في صحيفة الواشنطن بوست، في قنصلية بلاده في تركيا، فقد قيل في هذه القضية كلام كثير وكثير جدا، وربما باتت الآن قضية دولية، تبحث لها الدول عن حل، لكن تباين السياسات والمصالح يجعل الحلول متعارضة. ولكني أود أن أقف عند القضية التي أثارها ترامب في تغريدته دفاعا عن السعودية .
حين اتهم الجمهوريون الديمقراطيون في مجلس الشيوخ ترامب بمقايضة المال بالمبادئ الأميركية الثابتة، وبحقوق الإنسان، بعد وقوفه إلى جانب حماية محمد بن سلمان، وشكره السعودية على تخفيض سعر النفط، ذهب للربط بين السعودية وإسرائيل بحبل الوجود والحماية، فلولا وجود السعودية ما كان يمكن تصور وجود إسرائيل؟!
هذا القول يجعلنا نقبل بالأخبار التي تحدثت عن جهود كبيرة بذلها نتنياهو في البيت الأبيض لحماية محمد بن سلمان، والوقوف إلى جانب المملكة في هذه المحنة، ومن ثمة قيل إن الموقف الأميركي تماهى مع الموقف الإسرائيلي، وإن هذا مؤشر إضافي على التحالف بين المملكة وإسرائيل كما تذكر وكالات الأنباء في مواجهة الأخطار في المنطقة.
إن هذه الأخبار والمؤشرات تثير القلق فينا فلسطينيا, خشية أن تكون القضية الفلسطينية هي الضحية على مذبح هذه القضية، إذ يقال إن تخفيض سعر البترول ليس ثمنا كافيا للموقف الأميركي الإسرائيلي، ويجدر بالسعودية أن تكون مؤيدة لصفقة القرن، وللرؤية الأميركية الإسرائيلية للحل، والضغط على الفلسطينيين للقبول بذلك.
إن تاريخ القضية الفلسطينية يقول إن أنظمة الدول العربية أسهمت بشكل كبير في بقاء دولة إسرائيل، وتطورها، وخداع الفلسطينيين، واحتواء ثوراتهم وإجهاضها، ومن ثمة فإن ترامب يتحدث عن حقائق تاريخية في المنطقة، ولكنها لا تخص السعودية وحدها، ولكن السياق القائم هو الذي اقتضى ذكر السعودية في كلامه. السياسة الأميركية سياسة وقحة، ولا تحافظ على أسرار الأصدقاء عند تعارض المصالح. ومن هنا نطالب الشعب الفلسطيني وفصائله الحية بالحذر وقراءة ما في أعماق الكلام.