فلسطين أون لاين

​متى يدرك المفاوض الحقيقة؟!

"منذ 100 عام لم نجد زعيما فلسطينيا يمكن أن يتفاوض مع إسرائيل، فلم يوافق الفلسطينيون على أي خطة، ولا يقبلون بحقيقة وجود إسرائيل. ولا يمكننا إعطاء سنتيمتر واحد للفلسطينيين من الضفة الغربية، لا يوجد مكان لجيشين، لا يوجد خيار سوى إبقاء السيطرة العسكرية الكاملة لجيشنا". هذا الكلام لوزير الاستيطان وعضو الكابينيت يوآف غالانت.

لا أعتقد أنه ثمة كلام أوضح من هذا الكلام في تلخيص استراتيجية دولة العدو في الضفة الغربية المحتلة، وفي المفاوضات. كلام الوزير غالانت يجدر بنا أن نقرأه على حقيقته، وأن نقبل هذه الصراحة على ما فيها من وقاحة. دولة العدو بحسب غالانت لم تجد مفاوضًا فلسطينيا يعترف بحقها في الوجود، وهذا القول يعبر عن قراءة صهيونية للضمير الجمعي الفلسطيني، الذي يرفض التنازل عن فلسطين، رغم أنها تحت الاحتلال بكامل ترابها.

غالانت لا يرى في اعتراف عرفات بحق (إسرائيل) في الوجود ذا قيمة، لأنه اعتراف الضرورة لرجل رحل عن المسرح، واعترافه غير ملزم للفلسطينيين. وكذا لا يعدّ غالانت المفاوضات مع عباس مفاوضات ذات مغزى، لأنه لا يعبر في مفاوضاته المعطلة عن الرؤية الفلسطينية، ولأنه يريد دولة فلسطينية في الضفة الغربية، (وإسرائيل) لا تقبل التنازل عن سنتيمتر واحد من الضفة، ولا تسمح بوجود جيشين فيها.

إن من يتأمل هذه التصريحات الواضحة يدرك ما هو مآل مفاوضات عباس مع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، ويدرك أنها مفاوضات عبثية لن تسفر عن انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الضفة والقدس، وأنها مفاوضات طرشان، وأنها مضيعة للوقت، وتغطية لاستمرار الاحتلال، ولو أدرك عباس ما في تصريح غالانت من معانٍ، لقفز من مركب المفاوضات الغارق لا محالة.

الفلسطينيون لا يعترفون بحق دولة العدو في الوجود على أرض فلسطين المحتلة، وما يقال عن اعتراف عرفات، وعباس، ومنظمة التحرير، فهو اعتراف يمثل الأشخاص ولا يمثل الشعب. الشعب الفلسطيني هو الشعب الذي عرفه غالانت في قراءته الصهيونية. الشعب الفلسطيني يرفض منذ مائة عام أن يعترف بحق (إسرائيل) في الوجود على الأرض الفلسطينية، لأنه وجود احتلال وغصب، وليس وجودا طبيعيا. الشعب لا يشعر باحترام لاعتراف الأشخاص، والمنظمة (بإسرائيل)، ويرى أن فلسطين دولة ستجد طريقها للحرية والتحرير آجلا أم عاجلا، وأن الاحتلال زائل، وليس له مكان في الأرض المباركة.