"إنّ الوضع الأمني الآن معقد، ونحن في خضم معركة، وتلك المعركة واسعة، ولم تستكمل بعد، ولن أقول ماذا سنفعل؟ وكيف؟! هذا ما قاله نتنياهو مؤخّرًا بعد أن انتهى لقاؤه مع بينيت، الذي وعد بالبقاء في الحكومة، وإعطاء نتنياهو فرصة أخرى.
إنك إذا تأمّلت بعمق تصريح نتنياهو هذا، تجد نفسك أمام سيناريوهين، الأول: هو للاستهلاك المحلي، ومراوغة الجماهير التي ندّدت بإدارته للمعركة الأخيرة، ومن ثم جاءت كلماته غامضة، وتوحي بأن ثمة جولة أخرى للقتال، فالمعركة لم تستكمل بعد، على حدّ قوله؟! ويمكن القول: إنّ هذا السيناريو يهدف إلى بثّ الخوف في غزة أيضًا؟!
والسيناريو الثاني، يقول: إن نتنياهو خرج من المعركة الأخيرة جريحًا، كان قد فقد عنصر المفاجأة القتالية التي اعتادها الجيش، وأنه لذلك يعدّ العدة للقتال من جديد، بشكل يمكنه من الضربة المفاجئة، ومن ثمّ فإنه وصف المعركة التي لم تنتهِ بعد بأنها (واسعة)، وأنه لن يبيح بأسرار ما هو قادم، ولا كيف سيكون؟!
لا ثالث لما تقدم فيما أحسب، ولكني أرجح منهما السيناريو الثاني، الذي يقول: إن دولة العدو ستنقض تعهداتها، وستخلق ظرفًا مواتِيًا لمعركة جديدة، تحتفظ فيها بمفاجأة الضربة الأولى، ومن المعلوم تاريخيًّا أن العدو ينتصر بالمكر والخداع، وليس لديه شرف المواجهة والقتال، حتى لو كان هو الأفضل في السلاح، لا في الرجال.
إن ما يجدر بغزة والفصائل المقاومة أن تفعله هو اليقظة والحذر، وأن تأخذ تهديدات نتنياهو بعين الحسبان وأنها تهديدات جديّة، لا سيما أن الانتخابات المبكرة أو العادية قادمة في الفترة القريبة القادمة، ونتنياهو في حاجة لترميم ما أصابه وأصاب حزبه من تراجع بعد المعركة الأخيرة. يجدر بالمقاومة أن تتجنّب مكر العدو، ومحاولته افتعال معركة جديدة عند أدنى ملابسة.
أعلم أن المقاومة حذِرة، ولكن الأسابيع القادمة حرجة، وأعلم أن الله غالب على أمره، وأعلم أن من يتوكل على الله فهو حسبه وكافيه، فكونوا رجال الله، يكن معكم.