لماذا لم تدمر القسام الحافلة التي تحمل الجنود قبل نزولهم منها؟! لماذا انتظر المجاهد نزول الجنود ثم دمّرها، وكان باستطاعته أن يدمرها بمن فيها؟! الجواب يكمن في سؤال آخر يقول: لماذا عادت (إسرائيل) إلى التهدئة بعد إطلاق المقاومة ما يزيد على 500 صاروخ على غلاف غزة، وبمسافة 20 كم ؟!
كانت أعداد أقل من الصواريخ تفجِّر حربًا موسعةً لأيام عدة. يبدو أن نتنياهو ورجال الجيش والأمن شعروا أن موقف القسام المنضبط، وعدم رغبته في إيقاع خسائر كبيرة في الأرواح يعنيان أن هناك مسؤولية عسكرية لها عين على الميدان، وعين أخرى على المستقبل، وأن قيادة بهذه اليقظة لا يمكن مواجهتها بسهولة، لا سيما بعد الانضباط العسكري الذي لا تخطئه العين.
لقد اضطر نتنياهو للعودة إلى التهدئة لأنه شعر أنه خسر الجولة قبل أن تبدأ بفشل عمليته الأمنية في خان يونس، وأن الاستمرار في القتال يعني مزيدا من الخسائر، لا سيما بعد تهديد المقاومة بتوسيع نطاق الأهداف ليصل إلى تل أبيب وغيرها. جولة القتال كانت منذ بدايتها في صالح المقاومة التي قدمت تقدير موقف جيدا لبيئة المعركة، واستطاعت أن تستثمر عمليا فشل عملية الاستخبارات في خان يونس، وأن تقدم ( إسرائيل) للعالم كجهة لا تحترم تعهداتها.
لا يمكن تفسير عودة نتنياهو إلى التهدئة بالضغوط الإقليمية أو الدولية، لأن هذه الضغوط لم تتبلور بعد خلال ساعات القتال على مدى أربعين ساعة. الجهود الدولية عادة تكون عاملا مساعدا، والأساس هو في الميدان، وفي قراءة المستقبل.
لقد استطاعت المقاومة أن تفرض على العدو احترام تعهّداته بالعودة إلى التهدئة. كانت الحافلة فيما يبدو بيضة الميزان التي قررت العودة إلى التهدئة دون شروط إضافية، اعتاد عليها العدو في مرات سابقة. إن نسبة تزيد على 50% من الإسرائيليين المستطلعة آراؤهم قالوا: إن حماس نجحت في إدارة جولة القتال الأخيرة، وأقل من 20% كانوا راضين عن أداء نتنياهو. وما زالت الانتقادات تتوالى، وكلها تجمع أن يد العدو كانت السفلى.