انتهت جولة القتال الأخيرة بالعودة إلى تفاهمات التهدئة غير المكتوبة. انتهت الجولة بفشل (إسرائيلي) لا تخطئه العين الصحيحة. خرجت (إسرائيل) من الجولة القتالية جريحة في كبريائها، جريحة في قدرتها على ردع غزة. الجراح التي أصابت العدو لا تعني بالضرورة هزيمته بحسب المفهوم التقليدي للهزيمة، ولكن بالتأكيد لم يحقق العدو النصر الذي اعتاد عليه، ورجع جريحا يلعق دماءه النازفة.
حين تكون الحيوانات الوحشية جريحة، تكون أكثر رغبة في الانتقام وأكثر شراسة، وأحسب أن دولة العدو ستحاول الهجوم قريبا، وستحاول الانتقام ليس بسبب ما أصابها من جراح فحسب، بل ولأن حكومتها وأحزابها تعدّ العدة لانتخابات قريبة، ومن ثمة ستكون غزة هي ورقة المزايدات، وورقة الربح والخسارة.
موجة الارتدادات العنيفة لزلزال الجولة الأخيرة لم تضرب ليبرمان ونتنياهو فحسب، بل ضربت الأحزاب مجتمعة، وضربت المحللين السياسيين والعسكريين، وبات الكل يبحث عن أسباب الزلزال، وعن كبش الفداء بعيدا عن الجيش، ومع ذلك فكلهم يخلصون إلى أن نظرية ردعهم قد تآكلت، وباتوا في حيرة من أمرهم في تعاملهم مع غزة.
نتنياهو حاول أن يتصبر، وأن يصبّر شعبه، في تصريحه الأخير، الذي زعم فيه أنه قبل بالعودة إلى التهدئة لأسباب لا يمكن البوح بها للجمهور الآن، وزعم أن (إسرائيل ) لا تزال في أوج المعركة؟! لم يستقبل الجمهور المجروح تطمينات نتنياهو بارتياح, لذا خرجت المظاهرات ضد الحكومة، حيث وصفها المتظاهرون بالجبن؟!
هذه البيئة تجعلنا نتوقع غدرا صهيونيا قادما في أي لحظة، ونتوقع رغبة لدى قيادتهم بالانتقام، واسترجاع الردع، واسترجاع ثقة الجماهير بالجيش والحكومة، لا سيما بعد احتراق الباص بصاروخ مقاوم, وعرضه على شاشة التلفاز، حيث أوصل رسائل عديدة، وبعد فشل أكبر عملية أمنية سرية لاختراق المقاومة في غزة.
إن البيئة المحيطة التي تشكلت سريعا مما تقدم تدعو للحذر من انتقام العدو وغدره، وهو ما قد يحصل لا سمح الله من دون سابق تحذير. خذوا حذركم، وتوكلوا على الله، ومن يتوكل على الله فهو حسبه.