فلسطين أون لاين

رسائل الضيف

نقل قائد حركة حماس في غزة يحيى السنوار ثلاث رسائل مهمّة على لسان قائد كتائب القسام محمد الضيف، يجمل فيها المشهد في المرحلة الحالية، وتعطي تصورًا عن المرحلة القادمة، وشكل المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، هي ذاتها رسائل السنوار الذي تحدث فيها خلال تأبين شهداء القسام والمنطقة الشرقية من خانيونس بعد أسبوع من المواجهة بين المقاومة والاحتلال، التي يمكن القول: إنها فارقة من حيث قدرة المقاومة على إدارة المواجهة باقتدار وحكمة واضحة، لكن الرسائل الواضحة الثلاث ترسي قواعد المواجهة، ومن رأس الهرم في المقاومة بلسان الضيف.

الرسالة الأولى: هي التحية للمنطقة الشرقية بخانيونس، حيث انطلقت شعلة المواجهة الأخيرة، وهي من أكثر المناطق سخونة خلال حرب 2014، ويخصها الضيف، حيث رفقاء السلاح هناك، وكذلك يتركز الاحتلال في العمل الاستخباراتي فيها، لمنع تكرار ما حدث عام 2014، وكذلك الحادثة الأخيرة التي أفشلت فيها كتائب القسام العمل الاستخباراتي الإسرائيلي، وقتل فيها قائد الفريق وأصيب آخرون، مما يدلل على أن المقاومة حاضرة بقوة في الميدان، وأنها تتابع تحركات العدو وترصدها في وسط منطقة تدعم مشروع المقاومة، وتحتضنه.

بينما جاءت الرسالة الثانية: اليقينية بالنصر، وهي عتاد الجيوش المشابهة للمقاومة إلى جانب القدرات المادية، وتلاؤم الرسالة مع الحدث والحاضنة الشعبية لها وتحقق جزء من النصر المتوقع ولو كان بالتطور التدريجي، وهو ما تتبعه كتائب القسام في إدارة الصراع, وكذلك المواجهات بين الفينة والأخرى، كما حدث في المواجهة الأخيرة التي يبدو أن المقاومة تعمل وفق خطط مسبقة ومعدّة بشكل عسكري سليم يقارب فيها بين منظومة العمل العسكري والسياسي والإعلامي، ما حقق نقلة نوعية في العمل خلال الفترات الأخيرة.

لكن لعل الرسالة الثالثة في التحول في المواجهة، من خلال القول "إنه لو زاد الاحتلال لزدنا وإن الرشقة الصاروخية الأولى التي ستضرب تل أبيب ستفاجئ الاحتلال"، مما يعني أن المقاومة كانت على استعداد أن تذهب بعيدًا مع الاحتلال في المواجهة، وأن الحدث يعدّ تحدّيًا للقسام في وسط غزة، لذلك يستحقّ هذا الرد، وأن لجوء الاحتلال لقصف المباني يمكن أن يقود نحو انهيار المباني في تل أبيب وليس عسقلان فحسب، وأن دائرة النار يمكن أن تتدحرج إلى أبعد مدى، والأهم كشفه أن القسام وضع الخطة لقصف تل أبيب ويدرك أبعاد ذلك، وأنها تحمل رسائل للاحتلال بأن يدرك خطورة أفعاله في قطاع غزة, ويمكن أن يقود لحرب في أي لحظة.

نحن أمام تحوّل فعلي في إدارة المقاومة، وتطوّر قدراتها، وإن الفيديوهات التي نشرت من حدود غزة، وكذلك البيوت المهدمة في عسقلان, غيرها سيكون أكثر منها دمارًا, ويمكن اختصارها برسالة الضيف بالقول: "أترك الرشقة لتتحدث عن نفسها عند انطلاقها", وهنا الحديث عن الضربة الأولى لتل أبيب.

نحن أمام تحوّل فعلي في المواجهات الأخيرة, وإن سوء تقدير الاحتلال لإدارة المقاومة المواجهة يمكن أن يقود إلى ما لا يرغب به الطرفان، لكن ممارسات الاحتلال تفعل كل شيء للذهاب للمواجهة، وإن رسائل الضيف التي نقلها السنوار، في تناغم عسكري وسياسي لحماس، ضد الاحتلال هي التحذير الأخير.