تطارد الفلسطيني تفاصيل اتفاقية "أوسلو" التي نسجت من تفكك المدن والمحافظات لتبني مشروعا وطنيا يتمكن فيه الفلسطيني من الصمود وإقامة دولته؛ غير أن الشيطان لم يكمن في التفاصيل وحسب وإنما في كامل تلك الاتفاقية لتكون مناطق "ج" ضمن تصنيفها والتي تشكل قرابة 63% من مجمل أراضي الضفة الغربية مسرحا للتهويد وتنفيذ أجندة التهجير.
في مناطق (ج) يواجه الفلسطينيون شبح الإخلاء والتهجير في حرب صامتة تشنها قوات الاحتلال لم تحظَ بتغطية إعلامية رغم جرحها المتجدد منذ سنوات.
ومن زوايا هذه النكبة، خربة خلة الضبعة الواقعة إلى الشرق من مدينة يطا جنوب مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، حيث تجمعات سكنية يتهددها مشروع المنطقة العسكرية "918".
ويسعى الاحتلال إلى تحويل منطقة مسافر يطا لمساحات استيطانية تكمل سلسلة المستوطنات الرابضة فوق صدور الفلسطينيين هناك، وضمن هذه المنطقة تقع منطقة خلة الضبعة التي تتعرض مدرستها الوحيدة لمخطط الهدم والإخلاء دون الاكتراث لمصير الطلبة.
ويقول الناشط في مناهضة الجدار والاستيطان راتب الجبور لـ"فلسطين": "الاحتلال يسعى ضمن مشروع 918 العسكري إلى إجلاء 11 قرية وتجمعا في منطقة مسافر يطا لصالح أغراض عسكرية وتدريب ومحميات وغيرها من المسميات بما فيها خلة الضبعة التي تسكنها قرابة 12 عائلة فلسطينية أي ما يقارب 70 نسمة بينهم 12 طالبا وطالبة يحرمهم الاحتلال من التعليم بل ويهدم أي مدرسة تقام لأجلهم".
وأضاف الجبور: "أنشأنا العام الماضي مدرسة لتعليم الأطفال من الصف الأول إلى الصف الرابع الابتدائي مكونة من مساكن متنقلة؛ وبعد أن أكملنا الاستعداد لبدء العام الدراسي جاء الاحتلال وأخطر بهدمها ومصادرة الكرفانات، لتتم إعادة الجهود لبناء مدرسة جديدة وليعيد الاحتلال الكرة ويخطرها بالهدم مرة أخرى حارماً جيلاً من التعليم لصالح تهويده ومخططاته".
ويعد الجبور الصمود في تلك المناطق مقاومة مستمرة، خاصة أن منازلها والحظائر فيها تعرضت للهدم عشرات المرات في الوقت الذي يحرم فيه الأهالي من البناء ويمنعون من الحصول على التراخيص لذلك؛ ليتم التهجير بكل الوسائل وتفريغ 55 ألف دونم لصالح مخططهم المركزي المستهدف لمنطقة مسافر يطا كاملة.
صرخة غريق
ويعد الجنوب الفلسطيني في الضفة الغربية من المناطق الأفقر على كل الصعد الخدماتية الفلسطينية في الوقت الذي تُعد له ميزانيات ضخمة من قبل الاحتلال لتهويده والسيطرة عليه لما له من أهمية كبيرة لارتباطه بالبحر الميت وتحديدا مسافر يطا، الأمر الذي يجعل الاحتلال مصرا على تقطيع شرايين الحياة الفلسطينية هناك، ضمن الخنق المستمر كما حال أهالي الخان الأحمر.
ويقول رئيس مجلس قروي مسافر يطا نضال يونس لـ"فلسطين" إن هذه المنطقة أعلنت عسكرية مغلقة منذ عام 1977 وحتى عام 2000 ويتعرض أهلها للاعتداء المستمر حيث صادر الاحتلال مصادر رزقهم كالماشية وأُجبروا على العيش بالكهوف.
ويضيف يونس أن هذا الصمود والبقاء للأهالي، يتزامن مع ظروف حياتية قاسية حيث لا يسمح لهم البناء للسكن أو حتى للماشية، ودائما ملاحقون بالاخطارات والهدم.
ولفت النظر إلى أن الاحتلال أصدر خلال السنوات الثلاثة الأخيرة 300 من أوامر الهدم والإخلاء علما أنها مجرد منشآت بسيطة كالخيم والمساكن الصغيرة، إضافة إلى أن الاحتلال يمنع تعبيد الطرق وتأهيلها ما يؤثر على حياة المواطنين سلباً في التحرك وخاصة المرضى والحالات الطارئة.
وبيّن يونس أن المياه يتحكم الاحتلال في وصولها إليهم إذ يصادر صهاريج الماء التي تزود المواطنين، ويهدم الآبار التي يتم تجميعها فيها.