لم يتوقف الاستيطان الإسرائيلي، داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي، نهاية العام المنصرم، يدعو إلى وقفه.
ومع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى سدة الحكم، يتوقع مراقبون أن يتصاعد الاستيطان مجدداً، حيث تتوقع دولة الاحتلال الإسرائيلي منه أن يدعمها في خططها الهادفة إلى السيطرة على غالبية أراضي الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس.
وفي 23 ديسمبر/ كانون أول الماضي، اعتمد مجلس الأمن الدولي، قراراً يدعو دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى الوقف الفوري والكامل لأنشطتها الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية.
لكن القرار لم يردع حكومة الاحتلال الإسرائيلي، التي أعلنت خلال الأسبوع الجاري، عن مشروعين جديدين للاستيطان، الأول صدر الأحد الماضي (22 يناير/كانون ثاني) ويقضي ببناء 566 وحدة استيطانية، والثاني صدر أول من أمس (24 يناير/كانون ثاني) ويمنح تصاريح ببناء 2500 وحدة.
وشهد عام 2016 المنصرم تصاعداً في أعداد "الوحدات الاستيطانية" التي صادقت حكومة الاحتلال الإسرائيلي على بنائها داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتاريخياً، فإن دولة الاحتلال الإسرائيلي بدأت بإيجاد موطئ قدم لمستوطناتها داخل الأراضي الفلسطينية منذ عام 1967 (أي منذ الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة والضفة الغربية).
وتعتبر مستوطنة "كفار عتصيون"، جنوبي الضفة الغربية، أول مستوطنة إسرائيلية تقام في الضفة الغربية في العام 1967، حسب خليل التفكجي، الخبير في شؤون الاستيطان الإسرائيلي.
ويقول خليل التفكجي، مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية (خاصة):" شهد شرق القدس المحتلة خلال عام 2016، بناء 2304 وحدة استيطانية، كما صادقت بلدية الاحتلال في القدس على بناء 2600 وحدة جديدة، وأودعت مخططات لبناء 1435 وحدة ".
وأضاف:" في الضفة الغربية، فقد بلغت أعدد الوحدات الاستيطانية التي انتهت حكومةالاحتلال الإسرائيلي من بنائها، عام2016، حوالي 181 وحدة، كما تم المصادقة على بناء 1465 وحدة، وإيداع مخططات لبناء 681 وحدة جديدة".
وبيّن التفكجي أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي صادقت في 20 يناير الجاري، على إقامة (86) وحدة استيطانية داخل مستوطنة "ميغرون" المقامة على أرض بلدة "مخماس"، وسط الضفة الغربية.
وقال:" هذا القرار يوضح اتجاه حكومة الاحتلال الإسرائيلي، في نيتها عدم الالتزام بإزالة البؤر الاستيطانية داخل الأراضي الفلسطينية، إنما ستعمل على توسعتها أيضا".
ومن الناحية التاريخية فإن عملية الاستيطان الإسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية مرّت بـ(4) مراحل، بحسب التفكجي.
وتابع:" المرحلة الأولى كانت في الفترة ما بين(1967 – 1977) وفيها تركز الاستيطان على شرق القدس المحتلة ومحيطها ومنطقة الأغوار(شرقي الضفة) ونعتبر هذه المرحلة ضمن برنامج حزب (العمل الإسرائيلي)".
وبحسب التكفجي، فإن المرحلة الثانية تمتد في الفترة الواقعة ما بين (1977-1987)، والتي قرّر حزب (الليكود) الإسرائيلي خلالها، نشر عملية الاستيطان في محيط مدن الضفة الغربية كـ"أيديولوجيا" (فِكر)، تهدف إلى رفع عدد المستوطنين الإسرائيليين إلى نحو مليون مستوطن.
ووصل عدد المستوطنين في الضفة الغربية دون شرق القدس عام 1977 إلى حوالي 4 آلاف و400 مستوطن، فيما بلغت أعدادهم عام 1988 إلى نحو 66 ألف و(500) مستوطن، حسب تقرير صدر عن حركة "السلام الآن" الإسرائيلية.
وأما عن المرحلة الثالثة، فقال التكفجي:" بدأت عام 1990، وخلالها قررت حكومة الاحتلال الإسرائيلي بناء المستوطنات في كل الأراضي الفلسطينية، بعد إعلانها زوال خط عام (1967) والذي أطلقت عليه اسم (الخط الأخضر)".
واستكمل قائلاً:" عام 1994 تم الشروع بشق شوارع في عمق الضفة الغربية لربط المستوطنات الإسرائيلية بعضها ببعض، وربطها بالأراضي المحتلة عام 48م".
ووفق تقرير حركة "السلام الآن الإسرائيلية"، فإن هذه المرحلة شهدت تزايداً في أعداد المستوطنين داخل الأراضي الفلسطينية، رغم إبرام اتفاق أوسلو للسلام بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي عام 1993، فقد وصلت أعدادهم إلى حوالي(116) ألف و(300) مستوطن.
وبدأت المرحلة الرابعة من الاستيطان مع بداية عام (1996)، حينما شرع مستوطنون إسرائيليون بإقامة البؤر الاستيطانية داخل أراضي الضفة الغربية استجابة، لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي السابق "أرئيل شارون"، والذي طلب –آنذاك- من المستوطنين بـ"احتلال تلال الضفة"، على حدّ قول التفكجي.
وبحلول عام 2000، وصل عدد المستوطنين إلى 184 ألفاً، فيما تزايد أضعافاً خلال عام 2014 إذ وصلت أعدادهم إلى نحو 371 ألف مستوطن، بحسب تقرير "السلام الآن".
ولاقت عملية بناء المشاريع الاستيطانية داخل الأراضي الفلسطينية دعماً من الأحزاب الإسرائيلية المتعاقبة على رئاسة الحكومة.
كما تعارض حكومة الاحتلال الإسرائيلي، المشاريع الداعية إلى وقف الاستيطان، واصفة إياها بـ"مشاريع التطهير العرقي".
وتقول وزارة خارجية الاحتلال الإسرائيلي، في ورقة لها:" كثيراً ما يزعم الفلسطينيون أن النشاط الاستيطاني غير شرعي، ويدعون (إسرائيل) إلى تفكيك جميع المستوطنات، إنهم في الحقيقة يطالبون بأن يغادر اليهود كافة الضفة الغربية، وهو شكل من أشكال التطهير العرقي".
ومن جانب ٍ آخر، تؤكد منظمة التحرير الفلسطينية، في بيان لها، على تهديد المستوطنات المُقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48م لمشروع "حل الدولتين والتوصل إلى سلام عادل ودائم".
وتقول المنظمة، خلال البيان، إن المستوطنات داخل الأراضي الفلسطينية تفتقر إلى "الصفة القانونية"، مطالبةً (إسرائيل) بإزالتها وتعويض الضرر الذي سببته الأعمال الاستيطانية داخل الأراضي فلسطين.
ووفق دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية، فإن عدد المستوطنات في الضفة الغربية بلغ 131 مستوطنة، فيما وصل عددها في شرق القدس إلى نحو 10 مستوطنات، كما تنتشر على تلال الضفة الغربية حوالي 116 بؤرة استيطانية.
ويبلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية حوالي 420 ألف مستوطن، وأما في شرق القدس فقد وصل عددهم إلى 220 ألف مستوطن.
وتقول حركة "السلام الآن" الإسرائيلية، في تقرير لها أن مستوطني الضفة الغربية يشكّلون نحو 13% من نسبة سكانها.