لم تكن أبواب الدول الغربية وأميركا مفتوحة أمام قادة فتح ومنظمة التحرير قبل اتفاق أوسلو والاعتراف بدولة (إسرائيل). ومن يتفحص علاقات منظمة التحرير بالدول قبل أوسلو يجدها محدودة جدا، وتكاد تنحصر في مجموعة من الدول الشرقية، وهذه الدول لم تقدم للمنظمة شيئا كبيرا.
علاقات المنظمة بالدول كانت محدودة، كما أن علاقات حماس بالدول الآن محدودة، لأنها ترفض الاعتراف (بإسرائيل) وتتبنى المقاومة خيارا، وفي الوقت نفسه تبحث عن فتح أبواب العلاقات الدولية المغلقة، وهذه معضلة مسكونة بالتناقض، ولكن يجدر بالبحث العلمي أن يأتي بحلول ممكنة لها.
إن الأبواب الدولية التي فتحت لعباس لم تقدم له شيئا كبيرا في مجال إزالة الاحتلال، وإقامة الدولة المستقلة ذات السيادة، كما كان يأمل، وفشلت في الضغط على (إسرائيل)، بالرغم من التنازلات التي قدمها عباس، وبرغم الوعود الغربية الجيدة له.
الدول الغربية يمكنها الضغط على عباس والدول العربية لتقديم التنازلات من أجل الاستقرار، ولا يمكنها الضغط على (إسرائيل) التي سيطرت على القرار في البيت الأبيض، والتي أعدت نفسها لليوم الذي تبتعد فيه بعض دول أوروبا عنها.
عباس حسب أن أوسلو ستفتح له أبواب الغرب، وستفتح له باب إقامة الدولة، ولكنه الآن لم يجد ما تأمله منهم، وبقي في مواجهة واشنطن وتل أبيب أعزل من شعبه، ومن العواصم العربية أيضا، لأنه تخلى عن عناصر القوة الذاتية، في مقابل علاقات دولية تقويه في مواجهة شعبه والفصائل، ولا تقويه أبدا في مواجهة (إسرائيل) ومناوراتها.
إن قوة السلطة التي تعتمد على الشعب، دون التفريط بعناصر القوة الذاتية، هي التي تفتح أبواب العلاقات الدولية، بشكل موجب ومحترم أكثر مما تفتحه التنازلات التي لا يكتفي بها العدو، ويريد المزيد منها، ثم يلقي بمن تنازل له إلى قارعة الطريق. الدول التي تعتمد على قوتها الذاتية تملك مكانا جيدا في العلاقات الدولية، والدول التي تعتمد على غيرها تبقى ضعيفة الأثر في العلاقات الدولية، وحال الأنظمة العربية تشرح هذه المعادلة بشكل جيد، وفي تاريخ الدول والثورات شروح أخرى جيدة.