فلسطين أون لاين

كيف يمكن للعرب والمسلمين منع تمدد قرار ترامب بحق القدس؟

...
بيروت-عمان-غزة/ نبيل سنونو:

هل يشي قرار الرئيس البرازيلي المنتخب جاير بولسونارو، نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة بتمدد اعتراف نظيره الأمريكي دونالد ترامب بالمدينة "عاصمة" مزعومة لـ(إسرائيل) أم أنها خطوة منفردة ستبقى معزولة؟ وكيف يمكن للعرب والمسلمين منع صدور قرارات مماثلة من عواصم أخرى؟

وافتتحت غواتيمالا سفارتها في القدس المحتلة، في 16 مايو/ أيار الماضي، بعد يومين من افتتاح السفارة الأمريكية في المدينة.

وبعد اتخاذ البارغواي خطوة مماثلة، أعلنت تراجعها عنها في سبتمبر/ أيلول الماضي، لتعيد بذلك سفارتها إلى (تل أبيب).

ويقول المفكر العراقي د. عبد الحسين شعبان، الذي ألّف ثمانية كتب وأعدّ 50 بحثًا حول القضية الفلسطينية: إن قرار نقل سفارة أي بلد للقدس المحتلة فيه مخالفة صريحة لقواعد القانون الدولي وما تسمى "الشرعية الدولية"، لاسيما أن المدينة وفقا لقرارات مجلس الأمن محتلة.

ويذكر شعبان في حديث مع صحيفة "فلسطين"، أن الاحتلال الإسرائيلي للقدس اكتمل في يونيو/حزيران 1967، ثم باشر بإجراء تغييرات بنيوية وإدارية ومحاولات قانونية لتحويل القدس بالتدريج إلى جزء من (إسرائيل) بقرار من "الكنيست"، ما دفع مجلس الأمن إلى اتخاذ قرار سنة 1980 باعتبار هذا الإجراء باطلا ولاغيا.

ويوضح شعبان أن رئيس البرازيل الجديد أعلن في برنامجه الانتخابي أن واحدا من عناصره التي ستؤدي إلى فوزه هو مسعاه لنقل سفارة بلاده إلى القدس.

ويرى أن هذا يثير تداعيات كثيرة لأن هناك مصالح للبرازيل لدى العديد من البلدان العربية والإسلامية.

ويدعو شعبان إلى اتخاذ موقف موحد عبر الجامعة العربية وآخر مماثل إزاء نقل السفارات إلى القدس المحتلة، من منظمة التعاون الإسلامي التي تمثل نحو مليار ونصف المليار مسلم.

ويحدّد شعبان، مجالات يمكن اتخاذ تدابير وإجراءات فيها، أولها المجال الاقتصادي بدءا من النفط حتى العلاقات الاقتصادية والتجارية.

ويشير إلى المجال القانوني، قائلا: "لم نتحرك على الصعيد القانوني، وعلى سبيل المثال يمكن الذهاب لمحكمة العدل الدولية لإصدار فتوى شرعية بشأن الإجراء الذي تقوم به هذه البلدان (أمريكا وغواتيمالا والبرازيل)".

ويبين أن ذلك جزء من الضغط الدبلوماسي والسياسي والإعلامي الذي يمكن التحرك فيه لتنشيط نظام المقاطعة على المستوى العالمي في الوسط الفني والمصرفي والإعلامي والتجاري، وأن هناك وسائل مختلفة للقيام بذلك.

ويؤكد شعبان ضرورة تعزيز الصداقة العربية والإسلامية مع القوى المناهضة للصهيونية، منبها إلى أن استقبال بعض البلدان العربية لقادة الاحتلال يضعف النضال بشكل عام.

ويرى الخبير في القانون الدولي، أن هناك حاجة لتغيير موازين القوى التي يعتريها اختلال واضح، مبينا أن العالم العربي في العقد الثاني من الألفية الثالثة يختلف عما كان قبل ذلك، لأن الكتل الاشتراكية التي كانت صديقة له انهارت وتحللت بل أصبحت على علاقة وطيدة بـ(إسرائيل).

ويشدد شعبان على ضرورة تحقيق وحدة وطنية فلسطينية والانفتاح على العالم العربي والإسلامي بمواقف موحدة، ليتخذ الأخير إجراءات إزاء نقل السفارات الذي يمثل تطورا خطيرا، ثم البحث عن أصدقاء العرب والمسلمين في أوروبا والغرب عموما ليقفوا مع القضية الفلسطينية.

ويحتاج ذلك إلى الضغط على الحكومات وتنشيط الحركة الشعبية والرأي العام العربي والإسلامي ليدرك خطورة هذا الوضع لاسيما أنه يترافق مع ما يسمى "قانون القومية" الذي يمثل إعلانا مسبقا عن طرد أكثر من 20% من سكان فلسطين الأصليين الموجودين حاليا في الأراضي المحتلة سنة 1948، بحسب شعبان.

جهاز دبلوماسي عربي

ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي الأردني د. خالد عبيدات، أن التصدي لنقل السفارات إلى القدس المحتلة دون إعدادات مسبقة لن يحقق إلا "النادر من الفائدة".

ويفسر عبيدات في حديث مع صحيفة "فلسطين"، بأنه للحصول على الفوائد المرجوة لا بد من البدء من نقطة الصفر "وهي تكوين جهاز دبلوماسي عربي على أرفع المستويات وخاصة بالجانب الفلسطيني"، يكون من مهامها التواصل مع الأطراف التي تساند (إسرائيل)، لكنه يرى أن الأمة العربية تفتقر إلى ذلك.

ويتابع بأن عدم ملء "هذا الفراغ بعناية ابتداء من نقطة الصفر" يتيح لـ(إسرائيل) التقدم في مخططاتها.

وعن إمكانية تصدي الدول الرافضة لقرارات نقل السفارات إلى القدس لهذه الخطوات، يقول عبيدات: "هذا الأمر لا يعني هذه الدول"، مفسرا بأنها لن تتدخل إلا بالقدر الذي فيه مصلحة لها، وأنها لا تتدخل من أجل تطبيق قرارات دولية ولا يعنيها ذلك، بل تريد تحقيق مصالحها.

ويقول عبيدات: إن ذلك يوجب وجود هذا الجهاز الدبلوماسي العربي لفهم هذه الدول.

وفي ظل هذه المعطيات، يعتقد عبيدات أن الاعترافات بالقدس المحتلة "عاصمة" مزعومة لـ(إسرائيل) ستتوالى، مرجعا ذلك لكون "الدبلوماسية العربية ليست في المستوى الرفيع الذي يضع حاجزا أمام هذه الدول وسنرى تسابقا على الاعتراف"، مدللا على ذلك بـ"الاتصالات التي تجري مع الأشقاء العرب"؛ في إشارة إلى التطبيع.

ويتحدث عبيدات عن مشكلات عديدة داخل دول عربية تحول "بين الشقيق العربي وبين أن يقف منسجما مع ضميره تجاه القضية الفلسطينية والقدس"، ممثلا لذلك باليمن والعراق وسوريا وغيرها.

ويؤكد عبيدات أن "الأردن يعد القضية الفلسطينية قضيته" وفق تعبيره.

ويتمم الكاتب والمحلل السياسي بأنه "لا يستطيع أحد أن يعمل شيئا ما دام الشرخ الفلسطيني موجودا".