فلسطين أون لاين

​خبّئوا أشرف في عيونكم

استمرار المطارد أشرف نعالوة في الاختباء عن عيون الاحتلال هو إنجاز فلسطيني ولكل حر وشريف ومناضل في الضفة الغربية، لأن أشرف لا يمثّل ذاته، بل يمثل مشروعًا ينهض هناك، وقادرًا على الصمود والاستمرار، وإن نجاحه هو الخلاص لكل مناضل ومقاوم.

في الضفة رجال عظماء وشباب يتحدّون الموت، ويقدمون التضحيات يوميًا، ويبذلون أرواحهم في سبيل تحرير وطنهم، لكن نريد لأشرف تحديدًا أن يعيش وتكتب له الحياة، لأن كل يوم في حياته هو تقصير لعمر الاحتلال وإنقاذ لحياة الفلسطينيين وتعجيل برحيل الاحتلال، والتجارب على ذلك كثيرة.

في الضفة الغربية يمضي مشروع المقاومة ويتحدى إجراءات الاحتلال، وتتفاوت من يوم لآخر ومن مكان لآخر، لكن منذ 3 سنوات يمضي بأشكال متعددة منها العمليات الفردية والعمليات المنظمة، والأهم أنها لم تتوقف، بل تتنوع بين الطعن والدهس وآخرها الأكثر إيلامًا للاحتلال هي عمليات إطلاق النار، كما الحال مع العملية النوعية التي نفّذها الشاب العشريني المقاوم أشرف ضد المستوطنين.

بعد شهر من المطاردة، وفشل الاحتلال في الوصول إليه، فإن ذلك يعدّ تطوّرًا نوعيًّا لدى المقاومين ومن يساعدهم، ولدى الأهالي في التعامل مع المقاومين وإخفائهم والحفاظ عليهم من عيون الاحتلال، وعيون ضباط التنسيق الأمني، حيث بدأ الاحتلال يتحدث عن أن استمرار مطاردة أشرف يمثل كابوسًا له، وفشلًا استخباراتيًّا وعملياتيًّا، وخشيته أن يكون عملًا منظّمًا، وخاصة أن أشرف مسلح، ومن خلال التحقيقات التي تتعلق بالعملية أثبتت أنه كان محترفًا في استخدام السلاح والقدرة على الانسحاب لمسافات طويلة، عجزت كافة وسائل المراقبة عن الوصول إليه أو تتبّعه.

يدرك الجميع خطورة البيئة الأمنيّة في الضفة التي تم بناؤها على ما يزيد عن عقد من الزمن، لكن بنفس الوقت تطورت قدرات المقاومين، وازدادت قناعه الكثيرين هناك أن الخلاص من الاحتلال يكون بالمقاومة ومنها المسلحة، وأن هناك الآلاف من أمثال أشرف يتحيّنون الفرص للانقضاض على المستوطنين وإجبارهم على الرحيل، ووضع حد لاعتداءاتهم وقتلهم وعربدتهم وسرقتهم للأرض.

القضية ليست أشرف وحده بل إن الاحتلال يخوض صراعًا شخصيًّا مع أشرف لتحييده عن أن يصبح مشروعًا ينهض في الضفة، ومن الواضح أننا أمام نموذج جديد ينجح فيه الفلسطيني في مقاومة الاحتلال بفضل الحاضنة الشعبية ورفع مستوى الوعي بحماية المقاومين، وإفشال الاحتلال وسياسة التنسيق الأمني، ينتصر فيها أشرف وينتشر النموذج ويزداد رفاقه، نحو تشكّل جديد للمقاومة في وجه الاحتلال.

أشرف نعالوة شاب في مقتبل العمر يصفه جيرانه بأنه هادئ محترم عصامي متفوق في دراسته وفي عمله، وهذا ما جعل الاحتلال يشوه صورته أو يستغل أي موقف شخصي للنيل منه، كما حدث سابقًا مع زملائه المقاومين وتجنيد بعض أدوات الاحتلال لمساعدته في الوصول للمقاومين، لكن اليوم يجند الاحتلال ما يزيد عن20.000 جندي كل ليلة للبحث عنه، ويشن عشرات عمليات الدهم والمطاردة باستخدام أدوات التجسس والمراقبة والطائرات، لكن الفشل كان من نصيبه على مدار شهر، وأخيرًا قرّر هدم منزله، في دلالة عجز جديدة، وهذا ما يدعو الجميع للمسارعة في إعادة بنائه بعد الهدم مباشرة، كي يفهم الاحتلال أن أشرف فكرة وليس شخصًا، وهو مشروع مقاوم، والثقة أن أشرف سيجد من يخبئه في عيونه للحفاظ عليه، وتقديم العون والمساعدة له، وأن استمرار اختفائه يزيد من فرص بقائه حرًا طليقًا، ينضم له مزيد من الشبان، ليعيدوا الكَرّة من جديد في استهداف الاحتلال ومستوطنيه.