فلسطين أون لاين

حماس والعلاقات الدولية

ما من شك أن حماس تعاني حصارًا ثلاثيَّ الأبعاد، الأول حصار دولة العدو الصهيوني، والثاني حصار عباس وفتح، والثالث حصار الدول الغربية، وبالذات أميركا ودول أوربا، وأود هنا أن أتوقف في هذا المقال عند الحصار الثالث.

أميركا وأوروبا تغلقان أبواب العلاقات الدولية مع حركة حماس بشكل تام. هذه الدول أغلقت الأبواب أمام حماس قبل أن تكون في الحكم، وبعد أن كانت فيه، وبعد أن تخلت عن الحكومة أيضا، والسبب في ذلك أن هذه الدول تعاهدت على حماية (إسرائيل) أمنيا وعسكريا وسياسيا، ومدها بكل ما يلزم لتكون متفوقة على الدول العربية مجتمعة، ومتفرقة، وهذا يشمل الوقوف في وجه المقاومة الفلسطينية، وإضعافها، وإدخالها إلى إطار التسوية السياسية الهزيلة بحيث تتقبل ما تعرضه (إسرائيل) دون مناقشة حقيقية.

من المؤسف أن فتح ومنظمة التحرير قبلت باتفاق أوسلو وهي في حالة ضعف وحصار، ومن ثمة فتحت البلاد الأوروبية لها أبواب العلاقات الدولية بشكل موارب، وتحت التجريب والتهديد، ومن ثمة استقبلت العواصم الغربية الرئيس عرفات ثم عباس، ودعمته، وأغلقت أبوابها أمام حماس والفصائل المقاومة.

إن باب العلاقات الدولية مع حماس مغلقة، وهذا يقدم حماس للمواطن الفلسطيني والعربي وكأنها فاشلة في فتح أبواب العلاقات الدولية، ومن ثمة يتفنن الباحثون في تسبيب ذلك، وكذا في لوم حماس، وينسون أن منظمة التحرير عاشت هذه الحالة قبل أوسلو، وينسون أن الدول التي لا تقبل الرؤية الغربية لإسرائيل تعاني المشكلة نفسها بالقدر المقرر غربيا وصهيونيا.

حماس في الرؤية الموضوعية والوطنية لا تتحمل مسئولية الأبواب المغلقة في البلاد الأوربية، بل إن هذه الدول هي التي تتحمل المسئولية، وكل فلسطيني أو عربي يتبنى التحرير والخروج على إرادة هذه الدول سيتعرض لنفس الحصار، ولن تفتح الأبواب أمامه إلا بالاعتراف (بإسرائيل)، وترك المقاومة، والقبول بالمفاوضات، والتسوية. ومن ثمة تخلت الأنظمة العربية عن المقاومة، وعن الحرب، وقررت دعم المفاوضات وعباس، وما زالت على هذا المنهج الفاسد رهبة وخوفا؟!

هذا القول ليس دعوة لليأس، بل هو دعوة لمقاربة الحقيقة، وتجاوز مرحلة لوم الذات وعقابها، ومعرفة معايير النجاح والفشل بشكل دقيق. ليس أمام حماس إلّا السير في طريق الصمود والصبر، ومواصلة طرق الأبواب المغلقة، وحذار أن تسير في الطريق الذي يسير به عباس الآن، فعباس لم يأخذ شيئا كبيرا أو مهما من العواصم العربية وأميركا، وجل ما أخذه هو المال، والوعود، والسماح له بزيارة عواصم هذه الدول. هو لم يأخذ الدولة، ولم يأخذ الأراضي المحتلة، ولم يأخذ القدس، بل لم يأخذ حتى الأمن والحرية، ويعيش تحت بساطير الاحتلال حسب قوله هو؟!