فلسطين أون لاين

"عقاب الاحتلال لعائلات منفّذي العمليات.. سياسة فاشلة

...
سياسة الاحتلال هي بالأساس "حرب وجود" ضد الفلسطينيين
رام الله-غزة/ خضر عبد العال:

في الوقت الذي تمضى فيه سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتشريع هدم منازل منفذي العمليات الفدائية في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، لم تتوقف وتيرة العمليات الفدائية التي ينفذها الفلسطينيون هناك.

ونفذ الفلسطينيون منذ بداية العام الجاري أكثر من 4367 عملًا مقاومًا أدت لمقتل 11 إسرائيليًّا وإصابة 159 آخرين، بمعدل مقتل إسرائيلي كل شهر، وفقًا لإحصائيات مركز القدس المختص بالشأن الإسرائيلي.

وحسب الإحصائيات، فقد تنوعت أعمال المقاومة بين 40 عملية إطلاق نار، و33 عملية طعن ومحاولة طعن، و15 عملية دهس ومحاولة دهس، و53 عملية أُلقيت فيها أو زرعت عبوات ناسفة، و262 عملية إلقاء زجاجات حارقة صوب آليات ومواقع الاحتلال العسكرية ومستوطنيه.

وأجمع مختصون أن سياسة العقاب الجماعي التي شرعتها سلطات الاحتلال لكبح جماح مقاومة الفلسطينيين لمحتلهم ومستوطنيه فشلت فشلًا ذريعًا أمام جبروتهم.

وأعلنت صحيفة "هآرتس" العبرية مؤخرًا، عن هدم الاحتلال 45 منزلًا في الضفة الغربية والقدس لعائلات منفذي العمليات الفدائية منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2015.

وبينت الصحيفة أن المنازل المهدمة تشكل ثُلث المنازل المعدة للهدم.

المختص في شؤون الضفة الغربية ياسين عز الدين يقول: إن الاحتلال يسعى من خلال سياسة هدم المنازل إلى رفع ثمن المقاومة من خلال تدابير انتقامية وعقوبات جماعية، مؤكدًا أن الاحتلال لم يستطع وقف المقاومة تمامًا؛ لأن هنالك دافعية عالية لمقاومته من المواطنين الذين لديهم قدرة على تجاوز حالة الردع والتخويف.

وأشار عز الدين في حديث لصحيفة "فلسطين" إلى وجود حجم كبير من الغضب المختزن في المجتمع الفلسطيني سينفجر بعنف في وجه الاحتلال باللحظة المناسبة.

وأوضح عز الدين أن الاحتلال يظن أن سياسة هدم البيوت والعقوبات الجماعية بحق الفلسطينيين ستساعده في التخفيف من عمليات المقاومة "إلا أنه يفكر بأفق ضيق ويهمه إخافة الناس وإرعابهم لأن البديل هو إرجاع حقوق الناس وهذا يعني انتهاء المشروع الصهيوني".

وأضاف أن حجم الدافعية لمقاومة الاحتلال أكبر من الردع الذي تشكله هذه السياسة، مبينًا أن الأهالي يدركون أن عدم مقاومة الاحتلال لا يعني توقف اعتداءاته، حيث إنه يهدم مئات المنازل والمنشآت بزعم عدم الترخيص من أجل تهجير سكان المنطقة (ج) في الضفة الغربية.

ويذكر أن سياسة هدم منازل الفلسطينيين غير مرتبطة بمقاومة الاحتلال فقط، إذ إن سلطات الاحتلال دأبت على اختلاق أسباب ومبررات لهدمها؛ تارة بزعم المقاومة وأخرى بعدم الترخيص، وذلك بهدف تهجير أكبر عدد من الفلسطينيين عن منازلهم وأراضيهم، من أجل مصادرتها وبناء مستوطنات على أنقاضها.

المقاومة متجذرة

من جهته رأى مدير مركز مسارات للدراسات والأبحاث د. هاني المصري أن سبب فشل هذه السياسة يرجع إلى جذور المقاومة المتأصلة والعميقة لدى الشعب الفلسطيني والمستمدة من أكثر من مئة عام من الكفاح ضد المشروع الاستيطاني العنصري.

وبيّن المصري في حديث لـ"فلسطين" أن سياسة الاحتلال هي بالأساس "حرب وجود" ضد الفلسطينيين، حيث لا يميز بين فلسطيني وآخر، ويواصل اعتداءاته، فهو لم يصل إلى درجة الاكتفاء، مشيرًا إلى أن شهيته مفتوحة وأطماعه تتسع وتتزايد.

وشدد على أن الفلسطينيين ثابتون على مبادئهم في الدفاع عن قضيتهم وشعبهم وأراضيهم وحقوقهم، مؤكدًا أن هذه السياسة لن تثنيهم عن مقاومة الاحتلال، رغم خطورتها على عائلاتهم.

محرّم دوليًّا

من ناحيته قال منسق أعمال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في الضفة الغربية سميح محسن: إن القانون الدولي الإنساني يحرّم سياسة العقاب الجماعي وفقًا للمادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين.

وأكد محسن لـ"فلسطين" أن ما تمارسه سلطات الاحتلال ضد أهالي منفذي العمليات في الضفة الغربية والقدس هي "سياسة محرمة دولية وتخالف قواعد القانون الدولي الإنساني"، مشيرًا إلى أن هذه السياسة لم تمنع الفلسطينيين من استخدام وسائل المقاومة كافة، التي شرّعها القانون الدولي الإنساني للشعوب التي تقع تحت الاحتلال.

وأوضح أنه عندما يمارس الاحتلال هدم المنازل بزعم البناء غير المرخص، فهو أيضًا يمنع إصدار تراخيص بناء للفلسطينيين، في حين أنه يتمدد ويبني آلاف الوحدات الاستيطانية تحت ذريعة ما تسمى "الاحتياجات للتطور السكاني والعمراني"، مؤكدًا أن القانون الدولي الإنساني يعد الاستيطان "جريمة حرب".