قبل نحو عشرين عامًا حدثت آخر عملية ترميم لسور المسجد الأقصى الشرقي المجاور لمقبرة باب الرحمة في القدس المحتلة، ومنذ ذاك اليوم، تمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي دائرة الأوقاف الإسلامية من القيام بأي أعمال ترميم لإنقاذ السور من عمليات التآكل المستمرة.
وتسببت عراقيل الاحتلال المستمرة بالمزيد من تآكل سور المسجد نتيجة عوامل التعرية، الأمر الذى يدفع لإنقاذ وحماية السور عاجلًا من التشققات والتآكل؛ وفق مختصين.
وقال الباحث في شؤون القدس د. جمال عمرو، إنه منذ عام 1996 ظهر تآكل في حجارة السور الشرقي للمسجد الأقصى، وتبين أن السور يميل نحو الخارج بمقدار من 7-8 سم، ووجود كميات رطوبة داخل الجدار، ما استوجب البدء بعمليات الترميم لمنع أي تشققات إضافية.
وأضاف عمرو لصحيفة "فلسطين"، أمس، لقد تبين أن حجارة السور هي حجارة جيرية ضعيفة تزداد ضعفًا مع مرور مئات السنين، ما يجعل هناك حاجة ماسة للترميم، لكن فرصة الترميم ضئيلة؛ نتيجة عراقيل الاحتلال.
وأوضح أن الأوقاف الإسلامية بالتعاون مع الحركة الإسلامية داخل الأراضي المحتلة عام 1948م، قامت وقتها بالمحافظة على السور من المَيَلان للخارج، بشدِّ الجدار بواسطة أسلاك معدنية ومستقيمة، نحو الداخل، وهي باقية حتى اليوم.
وإضافة إلى ذلك جرى ترميم السور من الداخل والخارج، لكن لم يتم تغيير الحجارة التالفة؛ كونه ليس من السهل انتزاع الحجارة؛ لأن الاحتلال لا يسمح بذلك، (وهذا يدخل على خط معوقات الاحتلال)، فبقيت تتعرض لعوامل التعرية.
وتذرع الاحتلال بعدم السماح باستبدال الحجارة، وفق عمرو، بأنها حجارة تاريخية، تعود حسب خرافاتهم إلى عهد "الهيكل" المزعوم، رغما أنها حجارة رومانية عمرها 2000 عام ولا علاقة لها بالهيكل.
ولم يستبعد الباحث في شؤون القدس استغلال الاحتلال أي فرصة ممكنة، في حال استمرار تآكل الجدار، برفع الأمر لمنظمة "يونسكو" بهدف إلقاء اللوم على دائرة الأوقاف الإسلامية، وتقديمه صورًا وشواهد يدعي فيها أن الجدار يشكل خطرًا على حياة المصلين من الداخل والخارج، وأنه عرضة للانهيار، وعليه "يقوم قسم البنية التحتية في بلدية الاحتلال بالتدخل العاجل"، وذلك في إشارة لهدمه.
عراقيل الترميم
وقال عضو لجنة رعاية المقابر الإسلامية مصطفى أبو ظاهر: منذ 20 عامًا لم يُرمَّم السور الشرقي للمسجد الأقصى الملاصق للمصلى المرواني، ما جعله عرضة لعوامل التعرية التي أتت عليه بعض الشيء.
واستبعد أبو ظاهر في حديثه لصحيفة "فلسطين" تعرض حجارة السور الشرقي لما حدث في السور الغربي الملاصق لحائط البراق، حينما أسقط بفعل فاعل ومن خلال نفق إسرائيلي أسفله.
ولفت إلى أن السور الشرقي يحظى بمتابعة ومراقبة من قبل الأوقاف الإسلامية بشكل مستمر، مشيرًا إلى أنه رغم أن حجارة السور متآكلة، وبحاجة للترميم، لكن لا يوجد أي خطورة على إمكانية سقوطها، لكون أحجامها كبيرة.
وفي السياق، حملت دائرة الأوقاف الإسلامية في مدينة القدس المحتلة، سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن أي عراقيل أو منع لترميم الجدار الشرقي للمسجد الأقصى، بعد ظهور أضرار وتغير في ألوان الحجارة مؤخرًا.
وأكدت الأوقاف، في بيان، أمس، أن الجدار الشرقي للمسجد بحاجة ماسة للصيانة والترميم، وإلى أعمال الكحلة والتقوية واستبدال التالف من المداميك.
وأشارت إلى أن كوادرها على وعي تام بحالة الجدار، وعلى أتمّ الاستعداد والجهوزية لإنجاز ذلك في القريب العاجل، مثمنة "حرص أهلنا على المسجد الأقصى وعلى سلامته".
وأوضحت أنه في إثر ما تم تداوله بكثرة بخصوص تشققات وحفريات في حجارة ومداميك الجدار الشرقي، واحتمال إمكانية تعمد سكب بعض المواد الكيماوية عليه بهدف تشويهه والعبث في نسيجه المعماري تمهيدًا لإضعافه وهدمه، توجهت لجنة على وجه السرعة من كادر ومختصي الأوقاف ومن مديرية السياحة والآثار إلى الموقع المذكور لاستجلاء الأمر والتيقن مما تم تداوله.
وأضافت أنه "بعد التفحص لجنبات الجدار والنظر بروية إلى المداميك والأحجار لم يلحظ أو يشاهد أي مادة كيماوية. إن ما ظهر من تباين واضح في درجات ألوان الحجارة من اللون الأبيض والبني بدرجات متفاوتة يعود إلى مقاطع ومقالع الحجارة ومدى تفاعلها مع العوامل الجوية".
وأشارت إلى أنه لوحظ تآكل واضح في مجموعة من الحجارة بفعل قدمها الذي يزيد على 1400 عام.
ورحبت الأوقاف الإسلامية، بأي جهود "مخلصة" لحماية المسجد الأقصى ودعم دائرة الأوقاف في جهودها في مواجهة التدخلات الإسرائيلية المرفوضة في شؤون المسجد ومحيطه.