انتهت دورة المجلس المركزي رقم (30) ببيان ختامي تضمن مجموعة من القرارات النظرية المكررة، التي اتخذت في اجتماعات سابقة، كوقف التنسيق الأمني، الحاصل على درجة 99% كما اعترف بذلك الرئيس عباس نفسه؟! التنسيق الأمني لم يقف، وأرجح أنه لن يقف رغم قرار المركزي الأخير في اجتماعه الثلاثين.
نعم قرار الوقف جيد، ولكن التطبيق غائب تمامًا، ما يعني أنه ثمة مفارقة مؤسفة بين النظرية والتطبيق. فالمركزي يقرر نظريًا، ثم يحيل إلى الرئيس واللجنة التنفيذية للتطبيق، والرئيس لا ينفذ القرارات، ولن ينفذ، وينظر لها على أنها توصيات، وأنه هو صاحب الصلاحية في التنفيذ، ومن آخر مخترعاته التسويفية، تشكيل لجنة عليا لمتابعة تنفيذ قرارات المجلس المركزي، ومن المعلوم بداهة أنك إذا أردت قتل شيء ودفنه، فأحله إلى لجنة، فكيف إذا كانت هذه اللجنة برئاسة من لا يرغب في التنفيذ، لذا يمكن القول نحن أمام لعبة تضليل للرأي العام.
المجلس المركزي أوصى كذلك بتعليق الاعتراف بدولة (إسرائيل) لحين اعترافها بالدولة الفلسطينية على حدود 1967م، والانفكاك عن الاقتصاد الإسرائيلي، والانسحاب من اتفاق باريس الاقتصادي، باعتبار أن المرحلة الانتقالية التي يغطيها الاتفاق قد انتهت، ولم تعد قائمة. وهذا شيء حسن على المستوى النظري، ولكن إرادة التطبيق عند عباس غائبة تماما. وعباس أكثر من يعلم أن (إسرائيل) لن تعترف بدولة فلسطينية على حدود 1967م، وأنها في اتفاق أوسلو رفضت ذلك، واعترفت فقط بمنظمة التحرير كممثل للفلسطينيين، في مقابل اعتراف المنظمة بحق دولة (إسرائيل) في الوجود على الأرض الفلسطينية، وعليه ثمة مفارقة خطيرة بين قرارات المركزي، وما قدمه، ويقدمه، عباس لإسرائيل. ثم إن (تعليق) الاعتراف بهذه الصيغة المرَضيّة لن يضرّ (إسرائيل) شيئًا، وكان على المركزي أن يقرر سحب الاعتراف، لا تعليقه، وأن يقرر الانسحاب من اتفاقية أوسلو وتوابعها.
إن مزاعم عباس في خطابه اتخاذ قرارات خطيرة بحق (أميركا وإسرائيل) تمخضت عن لا شيء جديد، وكل ما جاء في البيان الختامي مكرر، وهو ليس للتنفيذ، وإنما للتهديد، والتضليل، وحسبنا أن ننتظر لنرى الحقيقة، وتقديري وأرجو أن أكون مخطئًا أن الرئيس ينتظر أن يقرع نتنياهو جرس الهاتف للاجتماع به.