قلنا في مقال سابق قبل بضعة أيام إن انعقاد المجلس المركز للمنظمة هو انعقاد فاقد القيمة، وقراراته تفتقر إلى الشرعية. أما أنه فاقد القيمة فلأنه لا يمثل إلا نفسه، أو قل إنه على الأكثر يمثل جزءًا من حركة فتح. حين أقول إنه يمثل جزءًا من حركة فتح، فلأن التيار الإصلاحي في حركة فتح صرح بأن انعقاد المجلس باطل، وما يصدر عنه باطل، ودعا لانتخابات عاجلة.
المجلس بلا قيمة، وقراراته بلا قيمة أيضًا، لأن الفصائل الكبرى: حماس، والجهاد، والشعبية، والديمقراطية، والمبادرة، وكثير من المستقلين يقاطعون جلساته، وقد عبر عباس في خطابه أمس عن امتعاضه من الغائبين.
مع كل ما ذكرناه آنفًا فإن عباس أعلن في خطابه أنه سيتخذ قرارات خطيرة ضد أميركا (وإسرائيل) وحماس، وفي هذا الإطار زعمت المصادر العبرية أن حكومة نتنياهو لن تسمح لعباس بقطع الكهرباء والماء عن غزة؟! في حين صرحت جميع الفصائل أنها ترفض العقوبات التي فرضها عباس على غزة، وترفض أي عقوبات جديدة، وشككت في شرعية المجلس المركزي وما يصدر عنه، وكان المؤتمر الشعبي المنعقد في غزة قد طالب برفع العقوبات عن غزة، وحذر من تداعيات فرض عقوبات جديدة عليها.
عباس في وضع لا يحسد عليه الآن رغم تهديداته، فهو يبدو كناطح صخرة بقرنه فلم يوهنها وأوهى قرنه الوعل؟! عباس يهدد (أميركا وإسرائيل)، ونحن معه إن كان صادقًا في تهديداته، ولكنه لن يظهر بطولاته هنا، بل سيظهرها ضد حماس وغزة، لأنه أضعف من أن يتحدى (إسرائيل وأميركا)، مع أنه يرجوهما أن يصفحا عنه.
عباس يحاول أن يختبئ خلف المجلس المركزي في هذه المرحلة وكأن الحالة الديمقراطية في المنظمة والسلطة في أحسن أحوالها، وتكسوها العافية؟! وكأن أعضاء المجلس أحرار يمثلون الإرادة الشعبية، في حين هم معيّنون من عباس، وهم يدورون في فلكه، ولا يخالفون له رأيًا أو طلبًا، وربما يعيش بعضهم حالة البحث عن السراب التي ينظر إليها رئيسهم.
لماذا العقوبات؟! ولماذا التسريبات عن حل المجلس التشريعي، الجهة الوحيدة صاحبة الشرعية القانونية المعتبرة في النظام الفلسطيني القائم حاليًّا؟! إن من يهدد (أميركا وإسرائيل) يحتاج حماس وغزة إلى جانبه، ومن يهدد حماس وغزة لا يحتاج (أميركا وإسرائيل) إلى جانبه، لأنهما سبقتاه في الكيد لغزة والمكر بها، وهو في ذلك تبع لهما لا أكثر، والله غالب على أمره.