فلسطين أون لاين

إنفاق الأب على ابنته المتزوجة هل يسيء إليها؟

...
صورة تعبيرية
غزة - هدى الدلو


بعد الزواج بفترة زمنية، يبدأ ظهور العقد في الحياة الزوجية والمشاكل التي تضع والد الفتاة في زاويةٍ ليس لها مخرج، والهدف من ذلك الحفاظ على حياة ابنته وبيتها؛ لا سيما إذا كان هناك أطفال، فيضطر الأب لتحديد مبلغ معين وإعطائه لابنته كمصروفٍ أسبوعي أو شهري، بسبب بخل زوجها، أو لاعتماده عليهم وعدم تحمله أدنى مستوى من المسئولية، أو ظروف مادية صعبة ألمَّت به، فلا يكون أمام والد الفتاة سوى أن يتحمل تبعات نفقته على ابنته حتى بعد زواجها؛ فما هو السبب الذي يدفع الأب للإنفاق على ابنته المتزوجة؟، هذا ما نتناوله في التقرير التالي:

والد رشا يوسف اختصرَ طريق المشاكل وقطعه على زوجها حفظًا لكرامة ابنته ولتعيش معززة مكرمة كما لو كانت في بيت والدها، تقول: "البنات يتزوجن ليعشن مستورات في بيت زوجها، ولكن ما حدث بعد زواجي كان العكس".

وأوضحت أن ما ظهر بعد زواجها بفترة قلب حياتها رأسًا على عقب، وحولها إلى جحيم مشتعلة بالمشاكل اليومية، وكان سببها الأول والأخير هو بخله الشديد، وعدم إنفاقه على البيت وتلبية متطلباته، وفي إحدى مرات الخلاف على عشرة شواكل طردها من البيت، وأكثر من مرة اضطرت لترك البيت لعدم تلبيته لأدنى المستلزمات الأساسية.

وقد توصل والدها حفاظًا على ابنته أن يخصص لها مصروفًا شهريًا، بدلًا من "مرمطة" زوجها، ولكن ما أزعجها أنه عندما يتأخر والدها عن إعطائها المصروف يسألها عنه لتلبي متطلبات البيت، حتى أصبح يعتبره فرضًا وواجبًا على أهلها.

استغلال لأهلها

أما زوج أماني عادل وهي أم لـ 7 أبناء، فقد استغل زوجها وضع أهلها المادي الجيد، في تلبية احتياجاتها، وخاصة بعدما تركت وظيفتها بعد ولادتها طفلها الأخير؛ فكان في السابق يأخذ راتبها الشهري، وباع ذهبها، ولكن وجودها الدائم في البيت خلق سيلاً من المشاكل بعد أن صارت بلا مصدر دخل.

وقالت: "لا يعترف سوى بالاحتياجات الأساسية، أما الفواكه وغيرها لا يجلبها للبيت مع أنه ليس فقيرًا، فهو يعتمد على زيارات أهلي الاجتماعية وما يحضرونه معهم من هدايا، لكن والدي لم تعجبه حياتي بهذه الطريقة".

وفي ذات مرة وصل الأمر بينها وبين زوجها إلى المحاكم والطلاق، ولكن تدخل كبار العائلتين أوقف الإجراء لاتخاذهم طريق الصلح، وليقصر والدها طريق الشر والفضائح؛ اضطر إلى إعطائها مصروفا شهريا بقيمة 1000 شيكل لتلبي احتياجاتها ومتطلبات أبنائها.

اختلال في التربية

وفي هذا السياق، يقول مدير مركز التدريب المجتمعي وإدارة الأزمات بغزة د. درداح الشاعر: "هناك مجموعة من الأسباب تؤدي بوالد الفتاة إلى تخصيص مبلغٍ مالي كمصروف لابنته بعد زواجها، ومنها تخلي الزوج عن مسئوليته المباشرة، وفقدانه للقوامة وما يقع عليه من واجبات في الإنفاق على عائلته وتلبية احتياجاتها".

وأضاف: "ومن الأسباب أيضًا، خوف الأب من تعرض ابنته لظلم زوجها، بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، فيحاول أن يسد بعض الثقوب في علاقتهم الزوجية حفاظًا على تماسك العائلة، إلى جانب الوضع الاقتصادي السائد والمرير والذي جعل بعض الأزواج المسئولين لا يستطيعون تلبية متطلبات الأسرة".

وأشار د. الشاعر إلى أن هذا السلوك بدأ في الشيوع في المجتمع الفلسطيني، ولكن قديمًا كان يُعيَّر الإنسان إذا قام أحد غيره بالإنفاق على أهل بيته، فلا يقبلها الزوج على نفسه بأن ينفق غيره على زوجته.

ولفت إلى أن هناك تغيرات في الثقافة الفلسطينية أدت إلى ظهور بعض المشكلات، كما أن بخل الزوج عاملٌ أساسي في اتجاه الآباء للإنفاق على بناتهم بعد الزواج، موضحًا أن ذلك من أسوأ العادات التي ترسخ تقاعس الزوج، وعدم تحمله للمسئولية الواقعة عليه.

وبين د. الشاعر أنه يمكن لوالد الفتاة أن يقدم مساعدات بشكل طارئ وبصورة غير دائمة، فتعود الزوج على إنفاق ولي أمر زوجته عليها وعلى البيت لا يكون قد أحسن إليها بل على العكس قد أساء، وخاصة أن ظروف الحياة متقلبة وقد لا يستطيع أن ينفق عليها، كما أنه قد يعرض ابنته للخطر وتهدد بالطلاق.

ولفت إلى أنه على ولي الأمر أن يحسن اختيار الزوج الصالح لابنته، والسؤال الجيد عنه وقدرته في تحمل المسئولية، وقد اختلف نمط الأسرة الفلسطينية في التربية فأصبحت تربي ابنها في الاعتماد والاتكال على غيره، وأكبر دليل أن والدته تبحث له عن زوجة موظفة لتنفق على ابنها، مشيرًا إلى أن اختلال نمط التربية هو الذي عزز هذه العادة السيئة.