حين زار الرئيس السادات الكنيست، وقدم اعترافه (بإسرائيل)، ثم وقع معها اتفاق كامب ديفيد، استشاط الزعماء العرب غضبًا، واعتبروا السادات خارجًا عن الإجماع العربي الرافض للاعتراف بدولة العدو. وبقية القصة يعرفها القارئ جيدًا، ويومها سخر الشاعر أحمد مطر من استنكار الزعماء العرب للزيارة، ولم يصدق استنكارهم، وتنبأ أن يلحقوه في الزيارة والاعتراف والتطبيع.
ومن المعلوم جيدًا أن منظمة التحرير والأردن كانا من السابقين الأولين في الاعتراف والتطبيع، وربما كانت هناك أنظمة عربية أخرى تتعاون مع دولة العدو سرًا، وتتبادل معها الزيارات، غير أن البيئة تغيرت، والظروف تحولت، وبات تبادل الزيارات مع قادة العدو يجري علنًا في العواصم العربية.
بالأمس القريب وفي يوم الجمعة المنصرم زار نتنياهو وزوجه، والفريق المرافق له سلطنة عمان زيارة علنية، نقل وقائعها التلفزيون العماني، وقد رحب بالزيارة وزير خارجية البحرين ترحيبًا علنيًا. الزيارة تمت بهدوء ودفء، في وقت كانت غزة تتعرض فيه للقصف الصهيوني بالطائرات، وكان الحصار يخنق سكان غزة. الزيارة تمت وانتهت وعاد نتنياهو إلى تل أبيب مرفوع الرأس مزهوًّا بهذا الإنجاز التاريخي. (إسرائيل) في عواصم الخليج العربي في شكل علني، وفي تحالف قوي؟!
فهل كانت الزيارة مكافأة عربية لنتنياهو لضمه القدس عاصمة (لإسرائيل؟!) وهل سترتفع أعلام دول خليجية في القدس في تبادل دبلوماسي قريب مع (إسرائيل)؟!
في عمان والبحرين ودول أخرى يتحدثون عن الزيارة بأنها جيدة، ويزعمون أنها لخدمة الفلسطينيين، ولإعادة الطرفين إلى مائدة المفاوضات. وهكذا يتم التطبيع العربي باسم القضية الفلسطينية، وعطفًا عليها، وخدمة للفلسطينيين، وللسلام العادل؟!
إن كان الأمر كما يزعمون، فلماذا يفرح الإسرائيليون بالزيارة، ويحزن منها وعليها الفلسطينيون، والشعوب العربية قاطبة، والخليجية خاصة؟! هل يرى الزعماء العرب ما لا تراه الشعوب؟! وهل باتت (إسرائيل) جارة عزيزة، وحبها سياسة حكيمة، وعزلها وحمل العداء لها جريمة منكرة، وغباء في السياسة، وجهلًا بالحقيقة؟! وهل طريق المقاومة عار على أصحابه، وطريق التطبيع تحرير لفلسطين، ورعاية عربية وطنية للقضية الفلسطينية المفترى عليها؟!