فلسطين أون لاين

​(إسرائيل) تتسلل لـآسيا باستثمارات على حساب الفلسطينيين

...
غزة/ رامي رمانة:

يواصل صُناع القرار في كيان الاحتلال الإسرائيلي طرق أبواب الدول الآسيوية، طمعاً في عقد اتفاقيات تجارية ودعــم قــدراتها وإمكانياتهــا التكنولوجية المتطـورة في قطـاع البحـث والتطوير من خلال التعاون مع هـذه الـدول، وكذلك الإسهام في بناء "محور آسيوي" مساند، على غرار التحالف الغربي والأمريكي.

ويقول مراقبون إن كيان الاحتلال نجح إلى حد كبير في إقناع دول كانت تغلق أبوابها في السابق بسبب موقفها الرافض من احتلال فلسطين، بأن تقيم علاقات قوية معها كالصين والهند. كما استطاع "بعض الشيء" من تغيير الصورة النمطية السائدة عند تلك الدول الآسيوية بأن (إسرائيل) "ليست سيف الغرب" في المنطقة.

وقد استغلت (تل أبيب) انطـلاق مسـيرة التسوية السياسية مع منظمة التحرير الفلسطينية في مدريد عام ١٩٩١ لبنـاء وتوسيع شبكة علاقاتها الخارجية.

فالصين اليوم، تعد أكبر شريك تجاري لكيان الاحتلال في آسيا، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بعد (25) سنة من العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين نحو ( 11) مليار دولار.

كما يواصل كيان الاحتلال توقيع اتفاقيات تجارية جديدة مع تلك الدولة، في مجالات تشمل العلوم والتكنولوجيا والموارد البشرية والنقل الجوي، فضلاً عن اتفاقية التأشيرات التي مكنت حملة جوازات السفر الإسرائيلية من استخراج تأشيرة دخول متعددة الزيارات إلى الصين لرجال الأعمال والسياح والأقارب الإسرائيليين.

وتتبع (تل أبيب) الدهاء الدبلوماسي، حيث إنها تركز في علاقتها بالصين على الجانب الاقتصادي لتجنب أي توتر في علاقتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة.

أيضاً الهند التي ظلت موصدة أبوابها لعقود أمام كيان الاحتلال، تقيم اليوم علاقات تجارية، وتعد أكبر مستورد للصادرات العسكرية الإسرائيلية.

ووفقاً لمعطيات نشرها مكتب رئيس حكومة الاحتلال عام 2017، فقد تنامى التبادل التجاري بين الطرفين من مئتي مليون دولار عام 1992 إلى أربعة مليارات دولار عام 2016.

فكيان الاحتلال الإسرائيلي ينظر للهند على أنها القطب الثالث في آسيا بعد الصين واليابان، وعضو في النادي النووي وتملك نظاما متقدما للصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى، والقادرة على حمل رؤوس نووية.

العلاقات الجيدة، بين تلك الدول مع كيان الاحتلال لا شك أنها تفيد الأخير في مراقبة عمليات نقل التكنولوجيا العسـكرية إلى إيران وبعض الدول العربية بغية الحفـاظ على التوازنات العسكرية بالمنطقة.

ومن الأهداف التي يسعى كيان الاحتلال للوصول إليها في علاقته بآسيا، احتضان دول آسيا الوسطى طاقات علمية ضخمة ورثتها من تركة الاتحاد السوفيتي السابق، الاستحواذ على مواقع الثروة ومصادر الطاقة المستقبلية، حيث إن الثروات الهائلة التي تمتلكها الدول الخمس في آسيا الوسطى: أوزبكستان، طاجيكستان، تركمانستان، قرغيزستان، كازاخستان، هي بحد ذاتها فاتحة للشهية الإسرائيلية قبل أي حسابات استراتيجية، فبالإضافة إلى المخزون الهائل من اليورانيوم، والذهب، والفضة، وباقي المعادن الاستراتيجية، يشكل حجم احتياطي النفط في تقديراته الأولية بحد ذاته عاملاً مشجعًا للتغلغل الإسرائيلي.

ويؤكد الاختصاصي الاقتصادي د.هيثم دراغمة أن الانقلاب في موقف الدول الآسيوية من تدشين مناطق تجارة حرة مع كيان الاحتلال تسنى بعد أن بذلت (تل أبيب) جهوداً كبيرة لدى هذه الدول لإقناعها بالحاجة إلى توقيع اتفاقات لتدشين هذه المناطق، فضلا عن اكتشاف صناع القرار أن توسيع دائرة التجارة مع الكيان من خلال مناطق التجارة الحرة لا يلقى معارضة حقيقية من قبل الدول العربية والإسلامية.

وقال دراغمة لصحيفة "فلسطين: "إن الدول العربية تقيم علاقات تجارية علنية وغير علنية مع الاحتلال الإسرائيلي، وقد زاد حجم الصادرات الإسرائيلية إلى تلك الدول".

وأضاف: "إن ارتباط السلطة الفلسطينية بالاقتصاد الإسرائيلي حسب اتفاق باريس الاقتصادي بالتأكيد سيكون له تأثير سلبي على اتفاقيات اقتصادية جديدة تبرمها (تل أبيب) مع الخارج، كما أن الاحتلال سيوجه الاستثمارات نحو سرقة الموارد الفلسطينية".

ويؤكد دراغمة أن كيان الاحتلال الإسرائيلي "يسعى من خلال البوابة الاقتصادية الآسيوية إلى تحقيق مآرب سياسية أخرى، أهمها تحشيد دول جديدة مساندة له وتغيير الصور النمطية السلبية عنه".

وأشار في ذلك إلى موقف كيان الاحتلال من وسم فرنسا بضائع المستوطنات الواردة إلى داخل حدودها، إذ جند الكيان كل وسائله لرفض ذلك ليس لانعكاسه الاقتصادي وحسب، وإنما قطع الطريق أمام أي محاولة تغيير في المواقف السياسية.