جاءت زيارة نائب الرئيس الصيني وانغ قيشان، لحائط البراق وكنيسة القيامة، أول من أمس، ولقائه رئيس دولة وحكومة الاحتلال رؤوفين ريفلين، بنيامين نتنياهو، لتؤكد مدى قوة العلاقات الصينية الإسرائيلية، حتى وإن كانت مبنية على المصالحة التجارية والصناعية والتكنولوجية، فإلى أي مدى يؤثر ذلك في مواقف بكين من القضية الفلسطينية؟
فبينما عدَّ نتنياهو، أول من أمس، مشاركة قيشان في اجتماع لجنة "رئيس الحكومة للتعاون الابتكاري" "مجاملة كبيرة جدًا لـ(إسرائيل)، وتعكس العلاقات المتطورة مع الصين"، استقبل رئيس وزراء رام الله، نائب الرئيس الصيني وانغ تشي شان.
في هذا الإطار يقول منسق الحملة الشعبية لمقاطعة منتجات الاحتلال (BDS) خالد منصور، الذي زار الصين قبل بضع سنوات، والتقى قيادة المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني، وتحدث معهم في مواضيع سياسية، إن الصينيين يقولون: "إنهم لن يغيروا مواقفهم من قضيتنا".
ويضيف منصور لصحيفة "فلسطين"، في حديث عبر الهاتف، إن أعضاء الحزب كانوا صريحين وبجرأة قالوا لنا: "إننا لن نغير موقفنا من القضية الفلسطينية، وما زلنا مع حقّ تقرير المصير، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967".
لكنهم في مقابل ذلك أكدوا أن لهم مصالحهم الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية، وهم يعملون على حمايتها وتطوير بلادهم، وإقامة علاقات مع أي دولة في العالم من أجل مصالحهم، وفقًا لمنصور.
وأشار إلى أن الصينيين يومها تحدثوا عن تكنولوجيا إسرائيلية هم بحاجة إليها، مبينًا أن هذا الجواب "لم يرقَ لنا يومها، لكن في النهاية هذا خيارهم".
وعبر عن أسفه لزيارة نائب الرئيس الصيني لحائط البراق وكنيسة القيامة، في وقت تمارس فيه (إسرائيل) شتى أنواع التنكيل والاضطهاد بحق الشعب الفلسطيني، وترفض الاستجابة للنداءات الدولية المطالبة بوقف انتهاكاتها.
كما أبدى استياءه من توقيع 8 اتفاقيات بين الصين وسلطات الاحتلال، وما يمكن أن يتبع ذلك من تعزيز العلاقة بينهما، في وقت يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي انتهاكاته ويرفض القرارات الدولية المدرجة في القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وتعد الصين ثالث أكبر شريك تجاري لـ(إسرائيل)، وخلال عام 2016، زادت الاستثمارات المباشرة بين الجانبين بمقدار ثلاثة أضعاف، لتصل إلى 16 مليار دولار، بحسب تقرير نشر في صحيفة "ساوث تشينا مورنينغ بوست".
دوافع محددة
ورأى المحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي صالح النعامي، أن السياسة الخارجية لدولة الصين تقوم على دوافع محددة، أهمها العلاقات الاقتصادية والتجارية، وكون (إسرائيل) مصدر التقنيات متقدمة تعتمد عليها الصين في تطوير صناعاتها.
وذكَّر النعامي في حديث لصحيفة "فلسطين"، أن وزير خارجية الصين قبل بضع سنوات زار حائط البراق أيضًا، في مشهد يعكس حالة من التناقض بين الشيوعيين (الحزب الحاكم في الصين) بزيارتهم لحائط البراق برفقة اليهود.
وأشار إلى أن هذا يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات والمصالح بين الطرفين، تجاريًا وتقنيًا وتكنولوجيًا.
وأضاف: "لو كان هناك موقف عربي موحد، ولا تقيم علاقات سرية مع الاحتلال، لما وجدنا أي دولة تتخذ موقفًا متواطئة مع (إسرائيل)".
أما فيما يتعلق بدور السلطة الفلسطينية في ضوء ذلك، قال النعامي: "السلطة التي تتعاون وتنسق أمنيًا مع الاحتلال الإسرائيلي الذي يقتل المواطنين في غزة والضفة الغربية، ويواصل التهويد والاستيطان، لا يتوقع أن يكون لها أي دور مقابل التقارب الصيني الإسرائيلي".
لكن النعامي يشير إلى أن الصين تصوت لصالح فلسطين في المحافل الدولية، حتى وإن كان علاقتها جيدة بالاحتلال الإسرائيلي.
وكانت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، قد توقعت أن تحتل الصين مكان الولايات المتحدة، كأكبر مصدر للاستثمارات الخارجية في (إسرائيل)، فخلال العقدين الماضيين، عزز الاقتصاد الإسرائيلي مكانته كمركز رائد للتطوير التقني.
ويقول معلقون: إن الشركات الصينية ترغب في الوصول إلى هذه التقنية، في حين ترغب الشركات الإسرائيلية في الوصول بشكل أفضل إلى السوق الصيني الواسع.