على وقع زغاريد النسوة وهتافات الشباب التي تمجد الشهداء، شيًع أكثر من 40 ألف مواطن فلسطيني قدموا من مختلف المدن والقرى الفلسطينية في منطقة النقب وفي الداخل الفلسطيني المحتلة عام 1948، جثمان الشهيد يعقوب أبو القيعان من قرية "أم الحيران" بالنقب المحتل.
وكان الشهيد أبو القيعان (47 عامًا)، قد استشهد خلال مواجهات اندلعت الأربعاء الماضي، إثر إقدام الاحتلال على هدم عدد من منازل قرية "أم الحيران"، فيما قُتل شرطي إسرائيلي وأصيب مواطنون فلسطينيون.
وتسلمت عائلة أبو القيعان، جثمانه، صباح اليوم، بعد قرار صدر عن المحكمة العليا الإسرائيلية (أعلى هيئة قضائية لدى الاحتلال الإسرائيلي)، مساء أمس، بعد رفض الشرطة تسليم الجثمان إلا بشروط مقيدة.
وانطلق موكب التشييع من قرية "أم الحيران"، بعد إلقاء نظرة الوداع عليه من قبل عائلته وأطفاله، وبعد الصلاة عليه باتجاه المقبرة الاسلامية القريبة من مفرق السقاطي في النقب، وسط هتافات تندد بسياسة القتل الإسرائيلية وهدم البيوت، وعلت الأصوات بعبارات "بالروح بالدم نفديك يا شهيد" ونتنياهو يا جبان أرض النقب ما بتنهان".
وقال رئيس الحركة الإسلامية (الجناح الجنوبي) الشيخ حماد أبو دعابس في كلمة تأبين الشهيد، إن "المجرم الذي قتل الشهيد يعقوب أبو القيعان عليه أن يعلم أن وحدتنا تعززت أكثر من السابق".
وأكد أبو دعابس أن "السلطات الإسرائيلية الظالمة أرادت فرض شروط على إجراء الجنازة بعدد لا يتجاوز 40 شخصا خلال الليل، فجرت الجنازة بمشاركة 40 ألف شخص في وضح النهار".
وأشار إلى أن "هدم المنازل لم ينته في قلنسوة وأم الحيران وستستمر بها الحكومة الإسرائيلية في البلدات العربية، داعيا إلى التصدي لها ودعم أصحاب المنازل المهدومة، محذرا سلطات الاحتلال الإسرائيلية من مواصلة ملاحقة الشبان العرب، قائلا "يلاحقوا أبنائنا بسبب كتابة سطور على الفيسبوك، ولا يحاكمون كبير المحرضين رئيس حكومتهم، بنيامين نتنياهو".
وطالب أبو دعابس بإقامة لجنة تحقيق، مؤكدا أن "رصاص الشرطة الإسرائيلية استهدف الشهيد منذ البداية، ولم يسلم هو وشعبنا من جوقات التحريض، وعلى رأسها نتنياهو والإعلام الإسرائيلي".
وقال النائب العربي في الـ "كنيست" الإسرائيلي: إن المشاركة الحاشدة في جنازة الشهيد رغم محاولات الشرطة التضييق على المشاركين فيها، هي رسالة لحكومة نتنياهو ، بأن اعمالكم العنصرية وادعاءاتكم الكاذبة والملفقة لم تثنينا عن نضالاتنا الشعبية، وسنقف أمام أي محاولة هدم جديدة ليس فقط في أم الحيران بل في أي بلدة عربية.
وأضاف أبو عرار لوكالة "قدس برس"، أن احتجاز جثمان الشهيد منذ يوم الأربعاء الماضي وحتى اليوم، هدفه تثبيت الرواية الإسرائيلية الكاذبة لعناصر شرطة الاحتلال الإسرائيلية حول ظروف استشهاده، وأن رجال الشرطة أطلقوا النار عليه عقب تنفيذه عملية دهس أسفرت عن مقتل شرطي إسرائيلي.
وأكد أن تقرير وزارة الصحة الإسرائيلية حول استشهاد الشهيد، يخدم في القسم الأكبر منه رواية شرطة الاحتلال، لكنه في جزء منه يكذب ما تروجه (إسرائيل) تماما حين يضع التقرير علامة استفهام حول ما إذا أطلقت عليه النار قبل عملية الدهس أو بعد عملية الدهس.
وأكد أبو عرار أن حكومة الاحتلال ومنذ اللحظة الأولى وقبل التحقيق، نشرت روايات كاذبة، للتحريض على فلسطينيي النقب، بهدف استغلال الحدث لتنفيذ مزيد من مخططات التشريد والتهجير ضدهم، من خلال تصويرهم أنهم مجرمون ولا يحترمون القوانين، مع أن للحقيقية هي أن حكومة الاحتلال هي التي ترفض منحهم تراخيص بناء، وترفض الاعتراف بقراهم.
وأكد أن قضية احتجاز جثمان الشهيد ابو القيعان، يفضح زيف الديمقراطية التي تدعيها دولة الاحتلال، وأنها ديكتاتورية وعنصرية وفاشية ضد العرب بامتياز، تجرم الضحية العربي وتعاقبه ، بينما المجرمون من رجال شرطتها هم الضحية،.
وطالب ابو عرار بتشكيل لجنة تحقيق لكشف حقيقة ما جرى وفضح السياسة الإسرائيلية التي تحاول التغطية على جريمتها بحق الشهيد ابو القيعان.
يذكر أن سلطات الاحتلال تدعي أن الشهيد أبو القيعان نفذ عملية دهس لمجموعة من شرطة الاحتلال خلال تنفيذها عملية هدم واسعة في بلدته، حيث قتل أحد جنودها وأصاب آخر بجراح متوسطة، ومن بين المنازل التي تم هدمها منزل الشهيد.
ويحمل الشهيد شهادة في هندسة الالكترونيات ويعمل إضافة إلى ذلك مدرسا للرياضيات في المدرسة الثانوية في بلدة حورة المجاورة وله 13 ولدا وبنتا من زوجتيه.
وتُعد بلدة "أم الحيران" واحدة من بين عشرات القرى البدوية الفلسطينية في النقب المحتل التي تتعرض منذ عام 1948 لتهجير وتشريد من قبل الاحتلال، حيث لا يتوفر فيها الخدمات الأساسية من كهرباء وماء.
ويهدف الاحتلال إلى هدم وتشريد أهلها التي يعيش فيها أكثر من ألف شخص مقابل بناء مستوطنة إسرائيلية على أنقاضها تحمل اسم القرية "حيران".