فلسطين أون لاين

​التنكيل طالهم على الصعد جميعًا

قهر السجان لا يشفع لمحرري "وفاء الأحرار" عند السلطة

...
صورة أرشيفية
غزة/ عبد الرحمن الطهراوي:

مزيج من المرارة والأسى يقطران من كلمات الأسير المحرر تيسير سليمان، وهو يتحدث عن تفاصيل فصول التهميش التي مارستها السلطة الفلسطينية على الأسرى المحررين في صفقة وفاء الأحرار المبعدين إلى الخارج، منذ اللحظات الأولى لوصولهم إلى دول الإبعاد (قطر وتركيا).

وعاش محررو صفقة وفاء الأحرار في دوامة غير منتهية من التهميش والتنكيل المتعمد من مؤسسات السلطة في رام الله، بدءًا من قطع رواتبهم الشهرية، مرورًا باستثنائهم من التسهيلات الممنوحة للمحررين، وصولًا إلى استدعائهم إلى المقار الأمنية واعتقالهم.

وكتب أول فصول التهميش عندما بادر الأسرى المحررون المبعدون بالاتصال بالسفارة الفلسطينية في إسطنبول، لإخبار المسؤولين بأمرهم واحتياجاتهم، وعلى ذلك يعلق سليمان بالقول: "كنا نأمل أن نجد ترحيبًا رسميًّا من السفارة بنا، أو المبادرة بتلبية احتياجاتنا الأساسية، ولكن ذلك لم يحدث إلى أن تواصلنا بأنفسنا مع المسؤولين بعد نحو عشرة أيام من وصولنا".

وبلغ التنكيل بالمبعدين مبلغه عندما تفاجؤوا بـ"مكافأة" غير متوقعة قدمتها لهم السلطة بعد نحو عام من الإفراج، وقد جاءت على هيئة تقليص قيمة رواتبهم الشهرية ثم تجميد صرفها، وبعد محاولات عدة استمرت أشهرًا أعادت السلطة صرف مستحقات المبعدين، ولكنها قطعتها تمامًا مطلع العام الماضي ضمن رزمة العقوبات التي فرضها رئيس السلطة محمود عباس على قطاع غزة.

ويضيف سليمان لصحيفة "فلسطين": "التهميش الذي مارسته سفارات السلطة طال جميع الحقوق، واستهدف المبعدين الـ(41) كافة، على خلفية انتمائهم السياسي فقط، وبسبب ذلك حرم المبعدون تمثيل القضية الفلسطينية في محافل عدة رعتها السفارة، وأتيح لمن لم يزر فلسطين يومًا".

تنكيل متعمد

ولم يتوقف تهميش السلطة الأسرى المحررين عند المبعدين إلى الخارج، بل طال أيضًا المحررين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، وعن ذلك تحدث الأسير المحرر حمادة الديراوي بالقول: "بدلًا من أن توفر السلطة أفضل سبل الحياة الكريمة للمحررين، تعمدت التنكيل بهم والتمييز بينهم، مع ادعاء عباس أن قضية الأسرى تحظى بإجماع وطني ولا يمكن المس بها".

وذكر الديراوي لصحيفة "فلسطين" أن السلطة تتعمد كسر أضلع مثلث النضال الوطني، الذي يتشكل من الشهداء والجرحى والأسرى، استجابة لإملاءات أمريكية إسرائيلية، مضيفًا: "قطعت السلطة رواتب عائلات الشهداء والجرحى، ثم حرمت الأسرى في سجون الاحتلال والمحررين مستحقاتهم المالية".

وكان رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزراء بحكومته صرحوا أكثر من مرة بأنه يجب وقف رواتب الأسرى وذوي الشهداء، داعين السلطة للتوقف عن دفع هذه الرواتب، إن كانت جادة في محاربة ما يسمونه "الإرهاب وأعمال العنف".

وبلغة ممزوجة بالاستنكار والأسى تساءل المحرر المبعد من الضفة إلى غزة عبد الرؤوف إنجاص عن أسباب تنكيل السلطة بالمحررين: "ألا يكفي معاناة السجن وقهر السجان والعيش سنوات وعقودًا في مقابر الأحياء، حتى تأتي السلطة لتزيد من معاناة المحررين بعد الإفراج؟!، وكيف لسلطة تدعي الوطنية أن تعاقب من حمل هم الوطن وأفنى حياته في سبيله؟!".

وأعرب إنجاص في حديث مع صحيفة "فلسطين" عن اعتقاده أن تنكيل السلطة بالمحررين مرتبط بحقد عباس الشخصي على كل شيء مقاوم، مضيفًا: "فهو باستمرار يعلن رفضه الصريح للمقاومة المسلحة، ويمارس جهارًا نهارًا التنسيق الأمني ضدها، وكذلك هو يحارب المقاومة الشعبية، لذا ليس من المستغرب أن تحارب السلطة الأسرى والمحررين، كونهم حملوا السلاح في وجه الاحتلال".

يشار إلى أن السلطة سبق أن قطعت رواتب مجموعة من الأسرى المحررين مطلع العام الماضي، إذ أوقفت وزارة المالية التابعة للسلطة في آذار (مارس) 2017م صرف رواتب 277 من الأسرى والمحررين في الضفة الغربية وغزة، والمبعدين إلى الخارج.

ولجأ محررو الضفة الغربية المحتلة في منتصف 2017م إلى تنظيم اعتصام مفتوح على دوار الرئيس الراحل ياسر عرفات وسط مدينة رام الله، للمطالبة بإعادة صرف رواتبهم، وهو ما خضعت له السلطة بعد سلسلة من الضغوط الشعبية، في حين بقيت على حالها أزمة رواتب المحررين في غزة والمبعدين البالغ عددهم 128 محررًا.

وبموجب صفقة "وفاء الأحرار" في 2011م أفرج عن 1027 أسيرًا على مرحلتين: الأولى تشمل 450 أسيرًا، منهم 315 محكومًا عليهم بالسجن المؤبد، والباقي من أصحاب المحكوميات العالية، و27 أسيرة، منهن خمس محكوم عليهن بالسجن المؤبد.