يبدو أن ليبرمان قد عمل في إدارة السجون، أو على الأقل لديه معلومات كافية عن إدارة السجون، أو لديه خبراء ومستشارون في هذا المجال. أقول هذا لأنه يتعامل مع غزة كما لو كان يتعامل مع السجناء والأسرى الفلسطينيين في سجون دولته المشؤومة.
للأسير في السجون حقوق دنيا من حقوق الإنسان، ومنها: الحق في الطعام والشراب، والرياضة، والخروج إلى الشمس، وزيارة المحامي، وزيارة الأهل، والعلاج، والقلم والورق والكتاب، وكثيرًا ما تتعرض هذه الحقوق إلى السحب والتعطيل، إذا لم يخضع المعتقلون إلى إدارة السجن، أو قاموا بإضراب، وحينها يتعرض السجناء للقمع، وبعد ذلك تجري مفاوضات مع قادة الأسرى، تعود بموجبها هذه الحقوق المعطلة، ويعود الهدوء، وهكذا دواليك هي حياة الأسرى والسجناء.
هذه الصورة القلمية هي التي يمارسها ليبرمان مع قطاع غزة، فحين تشتد المسيرات الأسبوعية، وتزداد حرائق الغلاف المحيط بغزة يقوم بإغلاق المعابر، ووقف إدخال الوقود والغاز، ليضغط على المقاومة لوقف المسيرات، أو ضبطها، والتخفيف من تأثيراتها، وعندها يعود إلى فتح المعابر، وإدخال الوقود والغاز، وهذا يعني أن غزة تحيا حياة السجون، وتتلقى المعاملة نفسها التي يتلقاها السجين، لأن اتفاقية أوسلو الظالمة ربطت الأراضي المحتلة (بإسرائيل).
هذه المعادلة الظالمة يجدر بها أن تنتهي، ولا يجوز معاملة مليونين من السكان معاملة السجناء الأسرى، وإذا كانت معاناة السجين تنتهي بانتهاء محكوميته، فإن محكومية قطاع غزة قد انتهت، ولا يجوز السماح بتجديدها تلقائيًّا، كما تجدد إدارة السجون الأحكام الإدارية على المعتقلين، ولكي تنتهي هذه المعاناة، وهذه المعاملة السيئة، يجدر بالفلسطينيين أن يفهموا عدوهم، وأن يتعرفوا إلى أساليب عمله جيِّدًا، وأن يواصلوا الكفاح من أجل الحرية والخلاص ورفع الخسف والظلم، وعليهم أن يحطموا سجن غزة الكبير بكل الطرق الممكنة، وألّا يركنوا إلى لعبة الأسير وإدارة السجن، وأن يحطموا اتفاقية العار والارتباط المذل بالعدو.