قبل أيام قليلة قررت الإدارة الأميركية دمج القنصلية الأميركية التي تخدم الفلسطينيين والسلطة في سفارة أميركا في القدس. لماذا اتخذت الإدارة الأميركية بقيادة ترامب ووزير خارجيته بومبيو هذا القرار؟! وما دلالاته وتداعياته؟!
حين نقلت ادارة ترامب سفارة بلادها إلى القدس تأكيدًا منها على اعتبار القدس عاصمة (لإسرائيل)، رفض الفلسطينيون هذا القرار على المستوى الرسمي، والفصائلي، والشعبي، وقد اتخذت رئاسة السلطة والمنظمة موقفًا رافضًا للرعاية الأميركية المنفردة للمفاوضات بسبب هذا الانحياز، وطالبت برعاية دولية أوسع لا تستثني المشاركة الأميركية بالطبع، غير أن أميركا و(إسرائيل) رفضتا المطلب الفلسطيني.
في ضوء ما تقدم اتخذت إدارة ترامب مجموعة من الإجراءات العقابية بحق الفلسطينيين، فأقفلت الممثلية الفلسطينية في واشنطن، وطرد السفير الفلسطيني، وأوقفت مساعداتها للسلطة والأونروا، عدا المساعدات التي تخص التنسيق الأمني مع (إسرائيل). وعرقلت جميع الجهود الفلسطينية في مجلس الأمن، والأمم المتحدة.
في ضوء هذه الخلفية القذرة، التي تتشكل من انحياز كامل لدولة الاحتلال، جاء قرار دمج القنصلية في السفارة كمؤشر أميركي يجبر الفلسطينيين على التعامل المباشر مع السفارة في القدس، ومن ثم الرضوخ العملي للقرار الأميركي، حيث لا يستطيع السكان والمسؤولون في السلطة الامتناع عن التعامل مع السفارة الأميركية.
ومن الواضح أن بقاء القنصلية في القدس يعطي مؤشرا على أن حل الدولتين ممكن، ولكن الدمج يعطي علامة لا تخطئها العين أن حل الدولتين قد انتهى، وسقط، وهو الآن خلف ظهر الإدارة الأميركية.
إن من دلالات هذا القرار أيضا هو الكشف عن الانحياز الأميركي الكامل لنتنياهو، ولخطة صفقة القرن، وتصفية القضية الفلسطينية على الطريقة الأميركية الإسرائيلية. وإن من دلالته ثالثا الكشف عن تحدٍّ أميركي للمشاعر الفلسطينية والعربية والإسلامية التي رفضت قرار نقل السفارة إلى القدس، وعلى الرافضين أن يجيئوا إلى السفارة في القدس لتخليص إجراءاتهم إن أحبوا؟!
لست أدري ما هو موقف السلطة من القرار الأميركي، لأن الصوت الفلسطيني الرسمي ما زال ضعيفًا وباهتًا.