فلسطين أون لاين

​يجوز وهبها لأكثر من متوفى

بعد الوفاة أعمال يصل ثوابها إلى الميت

...
صورة أرشيفية
غزة/ مريم الشوبكي:

الإنسان بعد وفاته ينتهي عمله، ولكن هل ينقطع الأجر والثواب الذي يمكن أن يصل إلى الميت، أم أن هناك أعمالًا يجزى عليها حتى وهو في قبره؟ وهل يجوز الجمع بين وهب أجر هذه الأعمال لأكثر من ميت؟

هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها أستاذ الفقه المقارن في كلية الدعوة الإسلامية د. عبد الباري خلة:

الدعاء والاستغفار

بين د. خلة لـ"فلسطين" أن الدعاء والاستغفار يصل ثوابهما إلى الميت، قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ ﴾ [الحشر: 10].

وعن عَوْف بْن مَالِكٍ قال: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَنَازَةٍ فَحَفِظْتُ مِنْ دُعَائِهِ وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنْ الدَّنَسِ وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ أَوْ مِنْ عَذَابِ النَّارِ قَالَ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ أَنَا ذَلِكَ الْمَيِّتَ. رواه مسلم.

وأوضح أن وفاء الدين من تلك الأعمال، فعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ فَقَالُوا صَلِّ عَلَيْهَا فَقَالَ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالُوا لَا قَالَ فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا قَالُوا لَا فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلِّ عَلَيْهَا قَالَ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قِيلَ نَعَمْ قَالَ فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا قَالُوا ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ فَصَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ أُتِيَ بِالثَّالِثَةِ فَقَالُوا صَلِّ عَلَيْهَا قَالَ هَلْ تَرَكَ شَيْئًا قَالُوا لَا قَالَ فَهَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالُوا ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ قَالَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ قَالَ أَبُو قَتَادَةَ صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ رواه البخاري.

لأكثر من ميت

وذكر د. خلة أن الصدقة من الأعمال التي يثاب عليها الميت، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أمي تُوُفِّيَتْ أَفَيَنْفَعُهَا إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا فَقَالَ «نَعَمْ». قَالَ فَإِنَّ لي مَخْرَفًا وإني أُشْهِدُكَ أَنِّى قَدْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا. رواه أبو داود بسند صحيح.

ولفت إلى أنه يجوز أداء فريضة الحجُّ عن الميت، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً اقْضُوا اللَّهَ فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ. رواه البخاري.

وأشار د. خلة إلى أنه يجوز الصيام عن الميت إذا كان أفطر أيامًا ولم يتمكن من قضائها، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ. رواه البخاري.

وبين أن الأضحية تجوز عن الميت، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الأَضْحَى بِالْمُصَلَّى فَلَمَّا قَضَى خُطْبَتَهُ نَزَلَ مِنْ مِنْبَرِهِ وَأُتِىَ بِكَبْشٍ فَذَبَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-بِيَدِهِ وَقَالَ « بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ هَذَا عَنِّى وَعَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِى ». رواه أبو داود بسند صحيح.

ولفت أستاذ الفقه المقارن إلى أن قراءة القرآن في وصولها إلى الميت خلافٌ، والراجح أنه يصل إذا كان بصيغة الدعاء كأن يقول: اللهم أوصل مثل ثواب ما قرأته إلى فلان.

وعن جواز أن يهب أعمال الخير لأكثر من ميت، بين أنه يجوز أن يهب المسلم أعمال الخير عن الميت كحفر بئر لابن السبيل، وكذلك الصدقة والعمرة ويجوز أن توهب لأكثر من ميت كالأب والأم وغيرهما، وهكذا فإن الميت ينتفع من أعمال الحي ولا حجر على فضل الله.