فلسطين أون لاين

​الإيمان أصل ، والسياسة فرع (٣)

العقل والإيمان كلاهما من النعم الجليلة، ويجدر بهما أن يتزاوجا في قول الإنسان وعمله، وإن افترقا فإن خللًا كبيرًا سيضرب من فقد التزاوج والتوازن بينهما، ويجدر بنا أن نعرف أن الإيمان مرجع العقل، والعقل المستنير طريق ينير الإيمان في قلب الإنسان.

تخبرنا قصة طالوت وجالوت أن الإيمان حكم على العقل والسياسة، فقد امتحن طالوت جنوده بمنعهم من شرب الماء وهم على عطش، وأجاز لهم الغَرفة القليلة، فسقط في الامتحان الكثير، ونجح القليل، وحين سار بالقلة المؤمنة امتحنهم الله بقتال جالوت فقالت الكثرة لا طاقة لنا بجالوت وجنوده، وقالت قلة القلة: كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، هذه القلة حققت النصر مع طالوت بقتل داود لجالوت ، وما النصر إلا من عند الله.

الإيمان يقول إن القلة المؤمنة في فلسطين يمكنها تحقيق النصر على يهود، ويمكنها تحرير الوطن، وبناء الدولة وإقامة العدل، بينما تذهب الكثرة للأسف بعيدًا عن منطق الإيمان، وتلوذ كذبًا بالعقل، القائل إنه من المستحيل الانتصار على يهود، وتحرير فلسطين، إذ لا يملك الفلسطينيون من العتاد الحربي والمال اللازم للنصر عشر معشار ما تملكه دولة الاحتلال.

المؤمن هو من يقارب مسألة النصر بمنطق طالوت وداود، ويقول إن النصر على يهود ممكن بإذن الله، لأن النصر منه لا من الشطارة السياسية. السياسة تقول إن فارق القوة الهائل بيننا وبينهم يقتضي الاستسلام، ووقف المقاومة، ولكن الإيمان يقول : كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، والله مع الصابرين. لذا فإن شعبنا الفلسطيني ينتظر النصر الذي يراه ضعفاء البصيرة والإيمان بعيدًا. النصر على المحتل المعتدي هو بين يدي الفلسطينيين، إذا ما أخلصوا الإيمان والدين لله، وحسبنا أن الفلسطيني هو الوحيد، أو شبه الوحيد في العالم العربي، الذي يقاتل عدوا مجرما لا لبس في عداوته لله وللمسلمين، وهذا أمر يبعث الطمأنينة في النفوس، ويجعلها تقاتل بلا تردد، على خلاف قتال المسلم للمسلم، أو المنازعات الطائفية والحروب الأهلية. نعم لا لبس في مقاتلة العدو الصهيوني المحتل، وهذا كاف لبعث الطمأنينة في القلوب، وطلب النصر للفئة القليلة المؤمنة، وإن رأى أدعياء السياسة والمفاوضات استحالة ذلك.