بخطىً واثقة، يتقدم أحد الشباب الثائر المشاركين في مسيرة العودة وكسر الحصار، شيئاً فشيئاً باتجاه السياج الفاصل شرق مدينة غزة، وهو يرتدي "بلوزة" سوداء كُتب وسطها "فرسان العودة".
ذاك الشاب الثائر كان ملثماً بالكوفية الفلسطينية الحمراء كلونِ الدم، برفقة أربعة "ملثمين" آخرين من رفاقه، في رسالة تحدٍ واضحة للاحتلال الإسرائيلي "أننا لن نسمح ببقائك على أرضنا، وسنبقى مدافعين عنها مهما كلفنا الثمن".
كانوا يتمتمون مع بعضهم بعضا، ويلوّح كل منهم للآخر، في إشارة إلى رسم خارطة طريقهم في التقدم، "نحن شباب ثائر موجودون على الحدود الزائلة ونقاط التماس الخمسة مع الاحتلال الغادر"، يقول أحدهم بصوتٍ حماسي.
ثم يُحدّق بعينيه نحو السياج الفاصل بنظراتٍ غاضبة، ويقول وهو يلوح بيده: "رسالتنا للاحتلال أن الشباب الثائر في غزة لن يكل ولن يمل في الاشتباك معك".
يصمت قليلاً ثم يعقّب على محاولات كسر الحصار جزئيًّا أملاً بوقف مسيرة العودة: "سنظل نواصل الاشتباك مع الاحتلال، وسنستمر حتى كسر الحصار كاملاً عن قطاعنا الصامد".
اكتفى بتلك الكلمات، وراح مُسرعاً نحو السياج الفاصل الذي يتمترس خلفه جنود الاحتلال، على سواتر وتلال رملية، خلف فوهات قناصاتهم.
"جئنا للمشاركة في جمعة انتفاضة القدس، لأننا واثقون أننا سنحررها بإذن الله، مهما كلفنا الثمن"، صدحت بتلك الكلمات الحاجة سهيلة أبو الريش (65 عاماً)، التي جاءت من حي النصر غرب مدينة غزة إلى منطقة "ملكة" شرقاً.
وبصوت حماسي تردد "لازم ننتصر على الاحتلال بكل الوسائل البسيطة المتاحة، ولن نسمح له بقتل أبناء شعبنا".
ووجهت رسالة للاحتلال وخاصة رئيس حكومته بنيامين نتنياهو ووزير جيشه أفيغدور ليبرمان: "ماضون حتى تحقيق النصر، فلن يهمنا الدبابات ولا الطائرات، وسنحرر جميع أراضينا المحتلة، وندخل القدس ونرفع علم فلسطين هناك".
وتُعبر الستينية عن غضبها ورفضها لمحاولات الالتفاف على صمود شعبنا ومطالباته بكسر الحصار عن قطاع غزة، بقولها: "نحن لا نطلب المساعدات من أحد، ولكننا نطالب بإحقاق الحقوق وكسر الحصار والعودة لأراضينا المحتلة، من لم يستطع ذلك فليمدنا بالسلاح لنسترد حقوقنا".
وتتمم حديثها "سنواصل المشاركة في مسيرات العودة السلمية، حتى آخر نفس فينا وقطرة دم في أجسادنا".
على ذات الخطى سار المواطن فريد زيارة (60 عاماً) الذي جاء للمشاركة في مسيرة العودة من منطقة حي الشجاعية شرق غزة، مؤكداً حق الشعب الفلسطيني في استرداد أرضه المحتلة ورفع الحصار عنه في القطاع كليًّا.
ويضيف زيارة "خرجنا بصدور عارية لا نحمل سلاحاً، لنقول إننا باقون على هذه الأرض، ولن نتخلى عن حقنا في العودة لأراضينا المحتلة".
ويؤكد المضي في المشاركة بمسيرات العودة حتى تحرير تراب الأرض من دنس الاحتلال، وقال: "نحن ندفع ثمناً غالياً من أجل تحرير البلاد وتوفير حياة آمنة لأبنائنا".
ويُعلق على مسألة تقديم مساعدات إنسانية لقطاع غزة مقابل وقف مسيرات العودة بالقول: "القضية ليست إنسانية فحسب، بل هي قضية حقوق وأرض وبلاد ومصير أمة وأجيال قادمة".
المسيرات مستمرة
عضو الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة هاني الثوابتة، أكد مواصلة المسيرات حتى تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني، رافضاً المبادرات والحلول الجزئية للحصار.
ويقول الثوابتة لصحيفة "فلسطين": إن هذا الزخم من المشاركين في المسيرات، يدلل على الإيمان العميق لدى أبناء الشعب الفلسطيني بهذا المسار، مؤكداً رفضه لكل الحلول الجزئية للحصار المفروض على قطاع غزة. وأضاف: "لن يستطيع أحد أن يفرض على شعبنا أي حلول جزئية تنتقص من حقوقه السياسية".
وشدد على أنه "ليس من حق أحد مقايضة هذه الحقوق بأي ثمن كان، ولن نقبل أن تنتقص كرامة شعبنا"، مشيراً إلى استمرار المسيرات حتى تحقيق أهدافها في الحرية والاستقلال والعودة.
وعدّ الثوابتة العمليتين البطوليتين في الضفة الغربية المحتلة "تكاملاً لأشكال المقاومة التي تشكّل إزعاجاً وتخبطاً للاحتلال وهو ما يدفعه للتلويح بالتصعيد واستخدام القوة".