"العملية الفدائية القادمة بعد "بركان"، هو عنوان المقال السابق، فكانت بعد يوم فقط، عملية الطعن في حوارة بنابلس, لجنديين إسرائيليين, على يد فدائي فلسطيني، وهو توقع برسم اليقين أن الضفة الغربية ما زالت توقد فيها المقاومة، وأن الشبان لن يستسلموا لسياسات القمع والمطاردة، ومحاولة تغيير الهوية الوطنية، وأن سنوات الضياع التي مثلتها أوسلو قد انتهت.
كل جهود الاحتلال التي بذلت في محاولة منع الشبان من الانخراط في المقاومة وخاصة الجهد الفردي، قد فشلت في ذلك، وإن روح المقاومة لديهم تشتعل باستمرار في ذكرى انتفاضة القدس الثالثة، وأن عملية "بركان" نسفت التنسيق الأمني، كما فشل الاحتلال في الوصول لمنفذ العملية في "بركان" نتيجة حالة الوعي لدى الجمهور بالمساعدة في إخفائه، وعلى الأقل الحذر في نقل نشر المعلومات، أو تداولها.
منفذا العمليتين هما جزء من الشبان الذين يخرجون على حدود قطاع غزة ليلًا ونهارًا، في مقارعة الاحتلال والمشاركة في مسيرات العودة، وكأن روحًا واحدة هي التي تبث في الإثنين هناك في نابلس وشرق غزة، وما نشاهده ونلمسه من هؤلاء الشبان أنهم ماضون في طريقهم، لا يترددون، ولا يرتجفون، بل مقدامون مثابرون، يبتدعون طرقًا وأساليبَ جديدة في مواجهة الاحتلال.
كل من يشارك في مسيرات العودة يلمس الروح الوطنية والثورية لدى هؤلاء الشبان والإصرار الذي يتملكهم في مقاومة الاحتلال، ولا يهابون الموت، ولا يؤثر فيهم ما يقال هنا وهناك من المثبطين أصحاب الأجندة الحزبية الضيقة، ومشاريع التسوية التي ثبت فشلها على يد الشبان الثائر في الضفة الغربية.
أتوقع أن مسيرات العودة ستأخذ أبعادًا وأساليبَ جديدة، لم يتوقعها الاحتلال، وهي امتداد لأساليب النضال الفلسطيني التي بدأت بالحجارة والمولوتوف والسكين والدهس، والإرباك، وإن الشعب الفلسطيني لقادر على أن يطورها في طريق المقاومة التي يعيد فيها استخدام بعض ما كان سابقًا في الانتفاضة الأولى والثانية الثالثة، وقدم في سبيلها سيلًا من الشهداء والجرحى، ولم يلتفت لمجموعة من المثبطين، وهم قلة لا يستحقون الالتفات لهم.