بينما يطالب الشعب الفلسطيني وفصائله الوطنية بإحالة ملف الأسرى إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه بحقهم، تراوغ السلطة في رام الله بالملف وتكتفي بالتلويح بإحالته للمحكمة دون فعل شيء يذكر.
وتواصل سلطات الاحتلال تصعيد جرائمها بحق الأسرى، ولا تكتفي باعتقالهم وحرمانهم من حريتهم، وإنما تعتدي عليهم منذ اللحظات الأولى لاعتقالهم حتى وصولهم إلى مراكز التحقيق، لتبدأ هناك جولة جديدة من التعذيب والتنكيل والمعاملة المهينة.
وكان المجلس الوطني الفلسطيني، في يوم الأسير الفلسطيني (17 نيسان/ أبريل الماضي)، طالب بسرعة تحويل ملف الأسرى والمعتقلين إلى المحكمة الجنائية الدولية؛ لمحاسبة الاحتلال على جرائمه بحقهم، لكن حتى اللحظة لم تعلن السلطة عن تقديم الإحالة، في حين تتواصل جرائم الاحتلال بحق الأسرى، والأرض، والإنسان الفلسطيني.
وقال الخبير القانوني عماد صلاح الدين إن السلطة لا تمتلك أدوات القوة والخبرة للتوجه للجنائية الدولية، مرجعًا ذلك للفساد السياسي والمالي المستشري بها، إلى جانب إزاحة أهل الاختصاص عن مواقعهم بهدف تحقيق مصالح شخصية وفئوية.
وأضاف صلاح الدين لصحيفة "فلسطين" أن السلطة تراوغ في نقل ملف الأسرى للمحكمة الدولية، لعدم وجود مؤسسات فاعلة وجدية متخصصة ومهنية تتابع ملف الأسرى وتنقله.
وبين أن انضمام فلسطين للجنائية الدولية يتيح لها وفق القانون الدولي التقدم بطلب لمحاسبة الاحتلال على جرائمه بحق الأسرى، "إلا أن المستوى الرسمي لا يمتلك القوة الأخلاقية للذهاب للمؤسسات الدولية بعين قوية".
وذكر أن السلطة تحاول خلال السنوات الأخيرة المحافظة على سياسة الأمر الواقع، لعدم امتلاكها أدوات القوة لتفعيل الملفات المهمة في المؤسسات الدولية، في حين تواصل سلطات الاحتلال حراكها لاستهداف الشعب والقضية الفلسطينية.
من جهته أكد الخبير القانوني صلاح عبد العاطي أن الحقوقيين جاهزون لإحالة ملف الأسرى وما يتعرضون له للمحكمة الجنائية الدولية، أسوة بغيره من الملفات، كالاستيطان والعدوان على غزة، وغيرهما.
وقال عبد العاطي لـ"فلسطين": إن السلطة تلكّأت في إحالة ملف الأسرى للمحكمة الدولية، مرجعًا ذلك لأسباب سياسية كالضغوط الأمريكية والخوف من قطع التمويل.
وأضاف أنه "لا سبيل أمام شعبنا إلا استخدام كل الخيارات، من بينها خيار تفعيل مساءلة الاحتلال على جرائمه وانتهاكاته بحق الأسرى".
ملف متكامل
وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر، إنه حتى اللحظة لم تقدم السلطة ملف الأسرى للمحكمة الجنائية الدولية.
وكانت السلطة قد انضمت إلى المحكمة الجنائية الدولية في أبريل/ نيسان 2015.
وبين أبو بكر لصحيفة "فلسطين" أن هيئته تعد ملفًا متكاملًا عن جرائم الاحتلال بحقِّ الأسرى لتقديمه للمحكمة الدولية، والآن تُدرس ملفات الأسرى التي ستُقدم، مؤكدًا توثيق كل انتهاك يرتكبه الاحتلال بحق أبناء الشعب الفلسطيني وخاصة الأسرى.
وأضاف أنه باستطاعة أي عائلة أسير التوجه للمحكمة الدولية شخصيًّا؛ لرفع دعاوى قضائية على دولة الاحتلال لمخالفتها الأعراف والمواثيق الدولية بحق الأسرى.
وقال المتحدث الإعلامي باسم نادي الأسير عبد الله الزغاري، إن السلطة لم تنقل ملف الأسرى للجنائية الدولية بعد، مشيرًا إلى رفض بعض الجهات الدولية لنقله إضافة إلى الهجمة التي تشنها الإدارة الأمريكية على القضية الفلسطينية وكل ملفاتها.
ولفت الزغاري لـ"فلسطين"، إلى أن جهودًا تبذلها بعض المؤسسات المعنية بشؤون الأسرى لنقل الملف للمحكمة الدولية، وخاصة فيما يتعلق بالاعتقال الإداري والأسرى المرضى والأطفال والنساء، والجرائم التي تمارسها إدارة السجون بحقهم، مؤكدًا أن إعداد الملفات يحتاج إلى تضافر وتكاتف الجهود لإتمامها ونقلها.
وذكر أن الأسرى يتعرضون لانتهاكات يومية وموت بطيء في سجون الاحتلال في إطار حملة تضييق تشنها إدارة السجون عليهم، داعيًا المجتمع الدولي للخروج عن صمته لحماية الأسرى من الجرائم التي يتعرضون لها.
وتواصل سلطات الاحتلال اعتقال نحو 6500 أسير فلسطيني بينهم 450 معتقلًا إداريًّا تمارس بحقهم جرائم مخالفة للأعراف والقوانين الدولية، منهم 28 أسيرًا من القدامى، وهم المعتقلون قبل توقيع اتفاقية أوسلو عام 1994.