فلسطين أون لاين

​رمتهم بدائها وانسلت ؟!

لماذا يدفع محمود عباس باتجاه تعميق فصل الضفة عن غزة؟! هذا السؤال ليس اتهامًا من باب المناورات السياسية، ولكنه قراءة في الوقائع الميدانية، وتتبع لخيوط قضية محيرة شائكة, فيها شركاء متشاكسون، وشركاء منتفعون.

من المعلوم أن خطة ( نتنياهو ترامب ) تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، سواء سموا الخطة صفقة القرن، أو أعطوها اسما آخر. الخطة تنحي جانبا القدس، واللاجئين، وغزة أيضا، وترى أن تطبيق ذلك يتم من طرف واحد، ويكفيهم من عباس الصمت، أو الشجب والتهديد، لذلك هم لا يشعرون بقلق من عملية تطبيق الخطة في القدس والضفة دون اتفاق معلن مع عباس.

ومن المعلوم في الوجه المقابل أن من يريد إحباط خطة ( نتنياهو ترامب) يجدر به أن يجمع القوى الوطنية حوله، وأن يتصالح مع غزة وحماس، على قاعدة توحيد الجهود لإحباط الخطة وإفشالها.

ما يحدث الآن أن عباس يناقض هذه الرؤية الوطنية ،التي لا يختلف فيها وطنيان. عباس يرفض التصالح مع غزة وحماس، ويشن على غزة وسكانها حربًا اقتصادية هي الأخطر في التاريخ الفلسطيني المعاصر منذ مدة، ويهدد بمزيد من العقوبات الاقتصادية، ويتلقى مساعدة (إسرائيل ) تقنيا وعمليا، وفي الوقت نفسه ألقى بالجبهتين الديمقراطية والشعبية بعيدًا عنه، لرفضهما حربه الاقتصادية ضد غزة.

إن من يفعل هذا في عناصر القوة التي تحمل القضية الفلسطينية، ويهدد بعقوبات إضافية تمزق ما تبقى من وحدة الشعب، يخدم من حيث يدري ويعلم خطة ( نتنياهو ترامب) كي تسير وتطبق في الضفة والقدس دون شراكة معلنة، ومن ثمة يلقي التهمة جاهزة على حماس وغزة بشكل عام؟!، لذا خاطب حماس مرارًا بقوله : (يا بتشيلوا يا بنشيل؟! ) وذهب إلى العرب والأمم المتحدة لتدويل مشكلته مع حماس، حتى لا تقف الدول مع غزة من الناحية الإنسانية، وما فتئ من حوله يتهمون قطر بتسهيل مرور صفقة القرن، بمساعداتها الإنسانية لغزة بالوقود وغيره؟! وهو اتهام لا يتجرأ عباس على النطق به شخصيًا خشية الرد القطري عليه.

غزة تقف عمليًا من خلال المقاومة، ومن خلال تحدي الحصار، ومن خلال استعدادها لخوض حرب رابعة، لمقاومة خطة ( نتنياهو ترامب)، مع رفضها مواقف عباس وعقوباته لا سيما بعد أن أخرج الضفة من مشروع المقاومة قهرا، خلافا لما يرغب به الوطنيون والمواطنون في الضفة؟! إن مثل سياسة رام الله مع غزة كمثل بعوضة تحمل مرض الملاريا، جاءت نائما، فأفرغت سمها وانسلت.