فلسطين أون لاين

​"آريئيل" على الطريق المستقيم

مجاهدة العدو ومقاومته لم تبدأ في فلسطين في العصر الحديث في عهد فتح والثورة الفلسطينية، مجاهدة العدو ومقاومته بدأت على الأقل في العهد الإسلامي الأول؛ لقد جاهد الرسول صلى الله عليه وسلم الكفار، واليهود، وجاهدهم الصحابة من بعده، وقاتل صلاح الدين الصليبين، وقاتل سيف الدين قطز الماغول، وقاتلت الدولة العثمانية الكفار والصليبيين، وقاومت مصر والعراق الإنجليز، وقاومت سوريا والجزائر الفرنسيين، وقاوم عبد القادر الحسيني اليهود.

من تأمل هذا التاريخ، وراجع فقه الجهاد والقتال، يدرك أن الأمم الحية ترفض الاستعمار وتقاوم الاحتلال، وتنتصر لدينها، ثم لشعبها ووطنها، وتكاد تجمع الأمم الإسلامية على وجوب ذلك شرعًا أيضًا، ولم يشذ عن هذه القاعدة الفقهية والتاريخية إلا (رجال من السلطة، ورجال من حركة فتح)، التي تفتخر أنها أول الرصاص؟!

بالأمس القريب قام فدائي فلسطيني باقتحام مستوطنة آريئيل المقامة على الأراضي المحتلة في القدس والضفة، استجابة لنداء التاريخ والفقه، فقتل مستوطنين وأصاب ثالثًا، وفرّ بنفسه ودينه من المكان، فما كان من سلطة فتح وأجهزتها في الضفة غير إقامة غرفة عمليات مشتركة مع العدو المحتل للبحث عن الفدائي، وإلقاء القبض عليه؟!

سلطة عباس وفتح لم تقف عند هذا الحدّ من الانحراف، بل تجاوزته بتجاوز الفقه والتاريخ، حين استنكر الناطق باسم الأجهزة الأمنية (الضميري) عمل الفدائي، ووعد بإلقاء القبض عليه، وهذا الموقف المخزي استدعى موقفًا قديمًا جديدًا للمحمودين: عباس والهباش، اللذين حرَّما قتال اليهود المحتلين؟! وخالفا بذلك التاريخ والفقه، وسنة الرسول، صلى الله عليه وسلم، والصحابة، وسنن الأحرار في العالم.

فتح تقول إنها أول الرصاص، وجيد هذا لو استقامت على الطريق، ولكنها تنكبت طريق الأحرار والانطلاقة، وتنكرت للفدائيين، واستنكر قادتها عملية آريئيل، التي أجمع الشعب بفصائله أنها عملية فردية بطولية، تجدد الحق والتاريخ والفقه والسنن؟!

أليس من العار والخيانة استنكار الجهاد، وإقامة غرفة عمليات مشتركة مع العدو لإلقاء القبض على الفدائي؟! فيما كانت فتح في الثمانينيات تتهم من يفعل أدنى من ذلك من تعاون مع العدو بالخيانة والعمالة وتقتله أمام أطفاله والشعب؟!